احتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي في منطقة البترون بأحد الشعانين وعمت القداديس والتطوافات بأغصان النخل والزيتون وألقيت عظات دعت لاستقبال دخول المسيح بالمحبة والرجاء والايمان والصمود.
المطران خير الله
وترأس راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله قداس الشعانين في كنيسة سيدة الانتقال في تنورين الفوقا، وعاونها بالذبيحة الالهية خادم الرعية الخوري بيار طانيوس في حضور أبناء تنورين .
العظة
وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى المطران خيرالله عظة بعنوان “هوشعنا لابن داود” قال فيها:”اليوم أحد الشعانين ندخل مع يسوع الى أورشليم، ندخل معه بالمجد ونعيش مجده من جديد، مجد يسوع ابن الله الذي صار انسانا وارتضى ان يحمل البشرية كلها وأن يعيش آلامها وهمومها وان يحمل خطاياها وارتضى ان يمشي في درب الجلجلة وان يموت على الصليب ويقوم من اجل خلاصها.
نعيش اليوم حدث الدخول الى أورشليم بالمجد، لاقاه الناس جميعا وراحوا يهتفون له “هوشعنا للملك الآتي، هوشعنا للملك إبن داود”، الملك المنتظر المخلص الذي كنا ننتظره منذ مئات وآلاف السنوات، اعتقدوا انهم ينتظرون ملكا كما كان داود وكما كان سليمان ، ينتظرون ملكا يحررهم بقوة السيف من احتلال الامبراطورية الرومانية. يسوع قبل ان يدخل بالمجد وقبل أن يمجده ويهتف له الاطفال والكبار والصغار والاهالي، لكنه نبههم جميعا : إن مجدي ليس من هذا العالم لأن مجد هذا العالم هو مجد باطل، أما مجد الله فهو وحده المجد الأبدي، المجد الباقي الذي علينا ان ننشده جميعا.”
وتابع قائلا: “المجد الذي دخل فيه يسوع، مجده الالهي سمح له بعد الشعانين ان يدخل اسبوع الآلام، أسبوع مسيرة الجلجلة والموت على الصليب. لم يفهم، كما قال لنا يوحنا في الانجيل، تلاميذه في أول الأمر ما هو هذا المجد، لكنهم، بعد أن مُجد يسوع وقام من بين الاموات، فهموا معنى هذا المجد. ونحن اليوم وفيما نستقبل يسوع على ارضنا، وفي وطننا وفي أبرشيتنا وفي رعيتنا تنورين، علينا ان نفهم لماذا دخل يسوع المجد وأي مجد هو مجد يسوع، وكيف نستقبله اليوم وبأي حال نستقبله. صحيح أن حالنا هي مزرية اليوم في الازمات التي نعيشها في لبنان وفي اوطاننا في الشرق الاوسط، في وسط الحروب وفي وسط الحقد والضغينة والتطرف والتعصب الاعمى، مطلوب منا ان نستقبل يسوع، لكن بأي مجد وبأي إيمان؟ إيماننا بيسوع المسيح ايمان قوي ورجاؤنا به رجاء وطيد، نعرف تماما، من مسيرة كنيستنا وشعبنا ومن تاريخنا، ان المجد الذي ينتظرنا هو مجد القيامة مع المسيح والحياة الابدية. ونعرف ان مجد هذا العالم باطل. ونعرف تماما أننا مع المسيح سننتصر على كل الازمات، سننتصر بعد ان نحمل مع المسيح صليبنا، سننتصر بمجد القيامة، وهذا هو تاريخنا. لا تخافوا إذا، كل ما نتمناه اليوم لأطفالنا الذين يعيدونا استقبال المسيح ، أطفالنا ببراءتهم ومحبتهم وقلوبهم البريئة، نتمنى لهم أياما سعيدة، أياما أفضل من التي نعيش فيها اليوم. نتمنى لهم مستقبلا زاهرا وحياة مليئة بالنشاط، ونتمنى لهم أن يحافظوا على ايمان آبائهم واجدادهم وان يبقوا متمسكين بأرضهم المقدسة. ”
وأضاف قائلا: “نحن اليوم في مواجهة مسؤوليات بناء مستقبلنا ومسؤول اولادنا ونستطيع معا بتعاوننا وتضامننا وايماننا الكبير، أن نعيد بناء وطننا لبنان، وطنا لهم، وطنا رسالة، كما كان في التاريخ وكما سيبقى رسالة للعالم كله مهما قست عليه الايام. لا نخاف من العاصفة التي تمر علينا، ستعبر ، أما نحن فباقون، لا تخافوا المسيح الذي يدخل أرضنا وقلوبنا يقول لنا : لا تخافوا أنا معكم حتى منتهى الدهر، ويقول لنا ، نحن ابناء وبنات تنورين، ابناء وبنات منطقة البترون وابرشية القداسة والقديسين ، يقول لنا المسيح اليوم في احد الشعانين: لا تخافوا، أدخلوا معي هذا المجد الذي لا بد ان يعبر بالآلام وحمل الصليب والموت لأن بعد كل ذلك قيامة الى حياة جديدة. لا تخافوا ، نحن أبناء هذه الارض، نحمل رسالة، رسالة آبائنا القديسين، ونحن في البترون، في مسيرة مجمع أبرشي على خطى آبائنا القديسين، من يوحنا مارون الى القديسة رفقا والقديس نعمة الله والاخ اسطفان نعمه، على خطاهم نتجدد ونتقدس بالمسيح ونريد ان تبقى ارضنا البترونية وان تبقى منطقتنا وابرشيتنا حاملة رسالتها ودعوتها، دعوة القداسة. فتبقى رسالة للقداسة وجميعنا مدعوون أن نتقدس ولا نخاف من مستقبلنا”.
وختم قائلا: “الرب يسوع يتكلم باسم اطفالنا الابرياء، يتكلم الينا جميعا نحن الكبار، ليقول لنا: عودوا الى أصالة ايمانكم والى أصالة تاريخ كنيستكم وصمود شعبكم، عودوا الى دعوتكم الى القداسة، أحبوا بعضكم بعضا لأكم شعب واحد، آمنوا، ترجوا الحياة الجيدة معي، المسيح يقول، وانتم المنتصرون على كل شر وعلى كل بغض لأنكم بالمحبة التي تعيشونها مع بعضكم البعض، تنتصرون وتبنون مستقبلا زاهرا لأولادكم”.
وطنية