أحيت لجنة العيلة في أبرشية البترون المارونية اليوبيلين الفضي والذهبي للمتزوجين، خلال قداس احتفالي ترأسه راعي الابرشية المطران منير خيرالله في الكرسي الاسقفي في المقر الاول للبطريركية المارونية في كفرحي، عاونه فيه رئيس لجنة العيلة الخوري بطرس فرح.
في بداية القداس ألقى فرح كلمة ترحيب بالازواج المشاركين الذين مضى على زواجهم 25 و50 سنة، وقال: “نكرم اليوم الازواج تقديرا لالتزام وتخليدا لقيم تحت عنوان “الحب في العائلة شهادة فرح ورجاء”، فرح بواقع على الرغم من صعوباته ورجاء بغد مشرق يتشعب أجيالا واجيالا. إننا نفرح م يا صاحب السيادة ان نرفع معكم ذبيحة الشكران على نية عائلاتنا بيوبيليها الفضي والذهبي مع كل الجماعة المشاركة لكي تعيش عائلاتنا دعوتها من يد الله، جماعة حب وحياة وتبقى نبع القداسة في واحة القديسين”.
خيرالله
بعد الانجيل المقدس ألقى خيرالله عظة بعنوان “وأنتم جسد المسيح، وكل واحد منكم عضو منه” قال فيها: “بدعوة من لجنة العيلة في أبرشية البترون ومرشدها الخوري بطرس فرح، نحتفل اليوم وكعادتنا في كل سنة، بتكريم الأزواج الذين مر على تكرسهم في الحب في سر الزواج المقدس خمس وعشرون أو خمسون سنة. إنهم هنا اليوم مع أولادهم وأحفادهم ليجددوا عهد الحب الذي قطعوه في ما بينهم وأعلنوه يوما أمام الله وأمام الكنيسة وتواعدوا على عيشه في التضحية والوفاء والديمومة وخصب العطاء. ونلتقي حولهم جميعنا في إفخارستيا الشكر لنقدم التسبيح والمجد والشكران إلى الله المحبة، الآب والابن والروح القدس، على كل ما عاشوه معا في سنوات زواجهم وعلى كل ما قدموه من جهود وتضحيات في تربية أولادهم الذين اعتبروهم نعمة وبركة من الله. نحتفل معا بسر الحب الذي أراده الله منذ البدء عطاء وبذلا وتضحية. ولأن الله محبة، “خلق الإنسان على صورته كمثاله” رجلا وامرأة، “ذكرا وأنثى خلقهم وباركهم وقال لهم: إنموا وأكثروا وأملأوا الأرض”. هذا هو سر الزواج المقدس الذي اراده الله منذ البدء وحدة كاملة في الحب بين الرجل والمرأة بحيث يصبحان جسدا واحدا. خلقهما ليتحدا ويعيشا كمال الحب على صورة حبه الثالوثي، وقال: “لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران جسدا واحدا”.
أضاف: “إنه حب الله الذي أعطي مجانا وكاملا للانسان، رجلا وامرأة، ليتحدا ويتكاملا فيه لتمجيد الخالق ونمو البشرية. لكن الإنسان خطىء بخيانته لهذا الحب، وابتعد عن الله. أما الله المحبة فعاد واقترب من الإنسان وعامله بالرحمة والمغفرة ووعده بالخلاص. وأرسل في ملء الزمن إبنه يسوع المسيح ليحرر البشرية من عبودية الخطيئة. جاء يسوع يذكرنا بأن مشروع الله الأصلي هو لعيش الحب الكامل بين الرجل والمرأة اللذين يتحدان في الله ويتكرسان في الحب وفي خصب العطاء الذي من خلاله يشتركان مع الله في عمل الخلق عبر إيلاد البنين ويؤسسان عائلة تدخل في سر الحب الإلهي. السر الذي منه ينبثق كل حب حقيقي. وهذا الحب الإلهي جعل يسوع المسيح الابن يبذل ذاته على الصليب في سبيل خلاص البشر فقط لأن الله يحبهم حبا كبيرا. ما سمح للقديس بولس بأن يشبه الحب الذي يتعاهد عليه الزوجان “بحب المسيح لكنيسته التي بذل نفسه من أجلها” (أفسس 5/25)؛ إذ يكرسان حياتهما لعيش هذا الحب بتكامل واحترام متبادل وعطاء كلي حتى بذل الذات. فتصبح العلاقة بينهما، وقد أصبحا جسدا واحدا، على شبه علاقة المسيح بالكنيسة جسده السري. وكما أحب المسيح كنيسته وبذل نفسه في سبيلها، وبقي أمينا في حبه لها حتى النهاية، وأحبها دون أن يتعب من حبه لها، فأخصب حبه لها أولادا تلدهم الكنيسة في سر المعمودية. كذلك الزوجان يعيشان علاقة الحب بالوفاء والأمانة حتى النهاية وببذل الذات الكامل ويخصبان أولادا ويؤسسان معهم عائلة مسيحية تكبر بالحب وتكون مثالا وقدوة في الشهادة لعيش الفضائل الإلهية، الإيمان والرجاء والمحبة”.
وتابع: “العائلة هي تحفة المجتمع”، يقول قداسة البابا فرنسيس في إرشاده الرسولي فرح الحب. والزواج الذي يباركه الله يرقى في الحب إلى سر الله، ويحافظ على الرباط بين الرجل والمرأة، الذي يولد من حب الله لهما فيثبتنا فيه بالمسيح، تماما كما يثبت الغصن في الكرمة، ويصبحان معا ومع أولادهما بالمعمودية أعضاء في الكنيسة، جسد المسيح السري الواحد، مع احترام دور ومكانة كل واحد منهم”.
وتوجه الى الأزواج المكرمين الآتين من كل رعايا الأبرشية: “قد شهدتم على عيش حبكم الزوجي في الأمانة والديمومة والخصوبة، ولا زلتم مستمرين بتكريس ذواتكم لخدمة عائلاتكم وكنيستكم ووطنكم وبالمحافظة على مرجعية القيم والأخلاق المسيحية والإنسانية.أنتم مدعوون إلى تأدية شهادة الحب وتحمل المسؤوليات الجسام في مواجهة تحديات هذا الزمن التي تهدد عائلاتنا بالتفكك ومجتمعنا بالانهيار. وهي تحديات تنبع من تفاقم الأزمات الإجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية والأخلاقية وتتجلى في الفساد المستشري في المجتمع وفي عجز عائلات كثيرة عن تأمين عيش كريم وتعليم وطبابة وسكن لأولادها. والتحدي الأكبر يكمن في الخوف على فقدان القيم ووحدة العائلة. أنتم مدعوون إلى الشهادة لحب الله الكامل والمجاني للانسان، كل إنسان، أمام الذين يحتاجون إلى الحب الحقيقي. أعلنوا لجميع الناس أن الله أحبنا حبا كاملا حتى أنه بذل ابنه يسوع المسيح تضحية عنا، ولا يزال يحبنا كل يوم ويعاملنا برحمته ومغفرته. نحن محبوبون من الله وعلينا أن نشهد لهذا الحب. كل عائلة من عائلاتنا هي بركة من الله وعطية محبة منه. كفوا عن “النق” وعن النظر فقط إلى سلبيات هذا الزمن وتطلعوا إلى مستقبل أولادكم بفرح ورجاء. فالله يحبهم كما أحبنا ويريد لهم أن يكونوا، على اختلاف وتنوع أطباعهم وآرائهم وانتماءاتهم جسدا واحدا في المسيح يسوع. علموهم أن يثبتوا في المسيح، الكرمة الحقيقية، وأكيدوا لهم أنهم فيه يستطيعون المستحيلات وبدونه لا يستطيعون شيئا”.
وختم داعيا للصلاة “من أجل عائلاتنا، كل عائلاتنا، وبخاصة المجروحة منها بوفاة أو مرض أو إعاقة” وأخص عائلتي سيندي جوزيف نجم وباندي عماد غلوب اللتين تعانيان من حالتهما الحرجة متمنيا لكل من سيندي وباندي الشفاء العاجل داعيا للصلاة من أجل العائلتين وكل العائلات لكي تستمر في تمجيد الله وشكره على عطاياهم الغزيرة وتبقى بركة لمجتمعنا وكنيستنا ووطننا لبنان الرسالة”.
بعد القداس، كرم الازواج الذين تسلموا من خيرالله وفرح أيقونة العائلة المقدسة.
وطنية