احتفلت بلدة عيتنيت في البقاع الغربي بتدشين كنيسة القديس جاورجيوس الأثرية بعد ترميمها، وذلك خلال احتفال أقيم في باحة الكنيسة، حضره رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش، والنواب: روبير غانم، انطوان سعد وأمين وهبة، النائب السابق فيصل الداود، الوزراء السابقون: عبد الرحيم مراد وسليمان طرابلسي، وداود الصايغ، محمد الخشن ممثلا رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان، رئيس بلدية عيتنيت أسعد نجم، رؤساء بلديات ومخاتير قرى البقاع الغربي، وكلاء الوقف ومجلس الرعية، الرهبان والراهبات وجمهور كبير من المؤمنين.
بداية النشيد الوطني، ومن ثم كلمة رئيس بلدية عيتنيت أسعد نجم، شرح فيها تاريخ الكنيسة، وقال:”سبعة مشاهد تستوقفني في هذا اليوم، ونحن نتحضر لإعادة تكريس كنيسة القديس جاورجيوس بعد تأهيلها وإبراز معالمها التاريخية، المشهد الأول: مشهد تسمية هذه الكنيسة على إسم القديس جاورجيوس، فأيقونة القديس جاورجيوس والتنين تعتبر رمزا وطنيا لمدن كثيرة مثل بيروت وجنوى وموسكو ولدول مثل إنكلترا وروسيا واليونان وجورجيا والبرتغال وفلسطين”.
اضاف: “على إسم القديس جاورجيوس إختار أجدادنا منذ ثلاثة قرون تكريس هذه الكنيسة التي بنوها في قلب هذا الجبل المنحدر من علو /1800/ ألف وثمانماية متر. ولكم تناقلت الأجيال روايات عن تدحرج الصخور من أعالي هذا الجبل وتوقفها بسحر ساحر عند سور هذه الكنيسة الخلفي، وكان آخر هذه الأحداث منذ سنوات قليلة حيث تدحرجت صخرة كبيرة من أعالي هذا الجبل مخلفة أضرارا كبيرة في طريقها لتستقر خلف هذا الصرح مباشرة”.
اضاف: “المشهد الثاني: هو مشهد تطور بناء هذه الكنيسة، منذ حوالي ثلاثة قرون وفي بداية القرن الثامن عشر، بنى أوائل المسيحيين القادمين إلى هذه البلدة من الداخل السوري هذه الكنيسة لخدمة المؤمنين في هذه البلدة. ومع نشأة طائفة الروم الملكيين الكاثوليك في أواسط القرن الثامن عشر إختار رعاة هذه الكنيسة الخضوع للكنيسة الكاثوليكية متبعين عادادت وطقوس طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، وبقيت هذه الكنيسة على هذه الحال حتى تاريخه. وخضعت هذه الكنيسة لأعمال ترميم وتأهيل متتالية، كان أهمها سنة 1911 حيث أخذت الحجم الذي هو عليه اليوم”.
وتابع: “ويروي الذين عايشوا تلك الفترة أن أبناء البلدة كانوا يبنون ليلا وسرا مداميك هذه الكنيسة قبل أن تأتي السلطات العثمانية في اليوم التالي لتهدم ما بني ليلا تنفيذا للتشريعات التي كانت سائدة في تلك الحقبة من حكم السلطنة العثمانية. وبعد مئة سنة، أي سنة 2011، خضعت هذه الكنيسة لأعمال ترميم وتأهيل شملت إعلاء قبتها وتغطية سقفها بالقرميد، وقد مول هذه الأعمال أبناء البلدة، المقيمون والمغتربون. ولا بدَّ لي في هذه المناسبة من أن أذكر رعاية وجيه الطائفة ووجيه هذه البلدة إبراهيم القيم لهذه الأعمال في تلك السنة، إذ أذكره اليوم فوفاء له متضرعا إلى الله وإلى القديس جاورجيوس لشفائه ولتجاوز المحنة الصحية التي يمر بها”.
وتابع: “المشهد الثالث : هو مشهد نياح البطريرك الراقد تحت مذبح هذه الكنيسة، والرابع: هو مشهد الأشخاص الذين ساهموا في تحقيق المشروع الذي نحن في صدده اليوم. اما المشهد الخامس فهو مشهد الكهنة الأجلاء وأعضاء لجان الوقف الذين تعاقبوا على خدمة هذا المذبح المقدس. والسادس أما المشهد السادس فمشهد ذاك الراعي الذي إتخذ من هذه البلدة ومن هذه المنطقة وجهة له منذ توليته على كرسي الفرزل وزحلة والبقاع”.
وختم: “ولم يبق من هذه المشاهد يا صاحب السيادة سوى مشهد التكريس لتكتمل به كل المشاهد، فيا صاحب السيادة، وكما كتب فوق مدخل هذا الكنيسة: ها جاورجيوس حامي حمانا ينادينا فحيي على الصلاة”.
ثم اقيمت رتبة تكريس المياه عند باب الكنيسة حيث صلى المطران درويش والكهنة على المياه وباركوها قبل ان يرش بها صاحب السيادة الحضور واسوار الكنيسة من الخارج.
بعدها انتقل الحضور الى داخل الكنيسة حيث ترأس المطران درويش قداسا احتفاليا للمناسبة عاونه فيه الأرشمندريت عبدالله عاصي، الأرشمندريت عبدالله حميدية، الآباء: طوني الفحل، اومير عبيدي، ايلي ابو شعيا، حنا كنعان وزاكي التن، والشمامسة الياس ابراهيم وتيودور زخور.
بداية القداس رتبة تبريك الكنيسة بعدها نضح المطران درويش ارجاء الكنيسة وزواياها بالميرون المقدس، ثم غسل المذبح بالماء ورشه بالأطياب والعطور ومسحه بالميرون المقدس ووضع عليه الشراشف والإيقونات.
درويش
وبعد الإنجيل المقدس القى المطران درويش عظة تحدث فيها عن تاريخ الكنيسة شاكرا كل الذين ساهموا في ترميمها وقال: “أرحب بكم جميعا وأحييكم وأثمن حضوركم في هذا الاحتفال الذي ندشن به اعادة تأهيل هذه الكنيسة الأثرية التي يعود تاريخها كما وجدنا في الوثائق التاريخية المحفوظة لدينا، الى النصف الثاني من القرن السابع عشر عندما حطت رحال الخوري نعمة الله القداحين، القادم من بلدة معلولا مع عائلته، في بلدة عيتنيت ومن المرجح أن الرهبان المخلصيون ساهموا من بعد الخوري نعمة الله بتوسيع الكنيسة بواسطة ابنه الراهب المخلصي جريس الذي ترهب في دير المخلص ونشر العقيدة الكاثوليكية في هذه المنطقة مع الرهبان الذين كانوا يأتون من الدير للتبشير ونشر الإيمان”.
اضاف: “نعلم أيضا أن الخوري نعمة الله دفن تحت الكنيسة في المدفن الذي عمره ونعلم أيضا أن المثلث الرحمات بطريرك أنطاكية وأورشليم وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك كيرلس السابع سياج دفن فيه عام 1797”.
وتابع: “هذه الكنيسة هي هديتي لكم، يا أهل عيتنيت، لتبقي فيكم شعلة الإيمان، وقادة وحية، ولتورثوها إلى أولادكم واولاد أولادكم، لتكون لكم مكانا مقدسا تعبدون الله فيه وترفعون الصلوات والابتهالات، ولتكون منارة روحية في هذه المنطقة العزيزة على قلوبنا.لقد أصبحت بعد ترميمها من أجمل الكنائس في لبنان لكن جمالها لن يكتمل إلا إذا كنتم في داخلها، بهاؤها يتألق فيكم، وتتقدس في المصلين الذين يؤمونها. إننا نأمل أن توضع في وقت قريب جدا على خارطة السياحة الدينية في لبنان”.
اضاف “في يوم التدشين هذا أشكر الذين ساهموا مع مطرانية سيدة النجاة بتبرعاتهم لإنجاز هذا العمل المتقن: مجلس الجنوب بشخص الحاج قبلان قبلان، غسان خوري، عصام خوري وسمير خوري وجمعية عون الكنيسة. كما اشكر المهندس وائل أبو رزق وفريق عمله والأرشمندريت نبيه صافي ووكلاء الوقف الذين رافقوا عملية التأهيل يوميا، اشكر رئيس البلدية أسعد نجم الذي تابع الأعمال في أدق تفاصيلها. إني أرفع الصلاة في هذا القداس الإلهي ليبارك الرب جهودهم ويغدق على الذين تبرعوا من أموالهم ومما جاد الله عليهم، محبة وفرحا ونعما وقداسة”.
واعلن درويش عن بدء سنة الرحمة الإلهية بالاتحاد مع الكنيسة الجامعة الرسولية ومع قداسة البابا فرنسيس، ومما قال “من هذه الكنيسة نرافق أيضا في صلواتنا، قداسة البابا فرنسيس، في رحلته الى الولايات المتحدة، ليؤثر على عاصمة القرار الدولي، إن في الولايات المتحدة أو في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، في استقرار منطقتنا لنعيش معا مسيحيين ومسلمين بسلام ومحبة وتآخي ونكون يدا واحدة وقلبا واحدا في ترسيخ القيم الإنسانية. إن العالم متعطش ليجد السلام والطمأنينة والاستقرار، لذلك أعلن قداسة البابا هذه السنة بدءا من 8 كانون الأول 2015 حتى 20 تشرين الثاني 2016 يوبيل الرحمة الإلهية.
وختم: “لهذا السبب نعلن لكم أننا، بالاتحاد مع الكنيسة الجامعة الرسولية ومع قداسة البابا فرنسيس، عن بدء سنة الرحمة الإلهية، ونريد أن تكون هذه السنة ، سنة مقدسة، تساعدنا على الشعور بالفرح، الناجم عن عثور يسوع علينا فهو الراعي الصالح الذي يبحث باستمرار عنا. خلال هذه السنة سنطلب من يسوع أن يلمسنا ويبدلنا برحمته لنصير بدورنا شهودا لرحمته الإلهية”.
ازاحة الستار
وبعد القداس، أزاح المطران درويش ورئيس البلدية الستار عن اللوحة التذكارية الخاصة للمناسبة قبل ان ينتقل الحضور الى صالة الكنيسة، حيث اقيم كوكتيل.