احتفل راعي أبرشية دير الاحمر المارونية المطران حنا رحمة، بدعوة من النائب البطريركي العام في منطقة الجبة المطران مارون العمار، بقداس في كاتدرائية مار سابا بشري، بمناسبة عيد جميع القديسين وتقديس البيعة، وعاونهما لفيف من كهنة بشري ودير الاحمر. وحضر القداس النائب اميل رحمة، المختار فادي الشدياق ممثلا النائبين ستريدا جعجع وايلي كيروز، مخاتير بشري وحشد من المؤمنين.
وألقى رحمة عظة شكر فيها نيابة بشري على الاستقبال، مشيرا إلى أن: “بشري مهبط الوحي وأرض الالهام، أرض الله وقطعة من السماء والصخرة التي علقت بالنجم. هنا شاء الله ومنذ آلاف السنين أن ينسب إليها شجرا بعد شجر الجنة، فكان أرز الرب. وفي هذه الأرض يوحي الله بذاته وبأزليته وبأبديته وبحضوره حيث الجمال يسلب العقل، ويتملك على الوجدان، ويثير في النفس الاحساس والذهول، فتتعطل لغة الكلام وينطق الصمت الالهي، وينقلب السؤال جوابا، والمعرفة الهاما ومشاهدة. تلك هي بشري أرضكم وأرضي ومدينة الله على الارض”.
وتابع: “بشري ثانيا قدس أقداس المسيحيين في الشرق وفي لبنان. بشري حالة أكثر منها مكان، لأنها عناق وجودي بين جبلين: جبل الارز، ووادي قنوبين الجبل المقلوب وأعمق المنحدرات الهابطة إلى أسفل الارض. هنا التقى عظيمان، شربل إبن بشري وجبران الطالع من أعماق الانسان. ليكون أجمل لقاء بين الله والانسان، إنه لقاء بين القداسة والفكر والفن، وعناق بين الله الذي يتمشى في الجنة، والانسان المتنقل بين أشواك الأرض. هنا يجمل الجلوس بين الله والانسان.”
وتابع : “بشري ثالثا ناطورة التاريخ والذاكرة والقضية، لم تقبل يوما أن يسير الزمن وهي واقفة تراوح مكانها، ولا قبلت أن تتراجع إلى الوراء. لقد شاءت لنفسها أن تكون ناطورة التاريخ تمنعه من الانحراف، وناطورة الذاكرة تقيها من النسيان، وناطورة الكيان والقضية من خطر التخاذل والانهيار. فهي من أوائل معاقل الموارنة الآتين من سهول سوريا إلى جبال لبنان، ومن أعرق معاقلهم في الشرق وأقواها. هي مدينة المقدمين الذين حملوا لقب الزعامة عن جدارة، وما قبلوا يوما بالذل، واستماتوا في قيادة شعبهم نحو معارك الحرية والسيادة والاستقلال والكرامة تحت لواء البطاركة والاساقفة والنساك القديسين. هي مدينة القادة الكنسيين البارزين والوجوه الموجودة اليوم في خضم الرسالة، فآلت إلى الرعاية دون استحقاق. إنني التمس صلواتهم وصلواتكم ليمنحني الرب ايمانا كإيمانهم، وصلابة من صلابتهم، وحسن سيرة وعناد في الحق من مواقفهم. وكانت بشري وما زالت وستظل، ناطورة القضية المارونية والمسيحية في الشرق بما انجبت من قادة وزعماء مدنيين وسياسيين، وبما قدمته من شهداء مقاومين. فكانت عين المقاومة المسيحية الساهرة وحارستها التي لا تنعس ولا تنام على مر السنين والأيام.”
وأردف: “بشري رابعا أم العيال والقرى والناس الطيبين. وأنا ابن عائلة من عائلاتكم، وهذا أصلي وانتمائي وفخري ومرجعيتي. اختارني الله من بينكم لأكون في خدمتكم. أحس اليوم وأنا بينكم، أنني في عائلتي ومدينتي، وبين أهلي وأحبائي. امتازت بشري والقرى المتفرعة عنها بصلابة ايمان أبنائها وبإخلاصهم وطاعتهم للكنيسة المارونية والكنيسة الكاثوليكية، وبحبهم للبنان وطن الأرز، وبصبرهم على المصاعب والنوائب وببساطتهم وطيبتهم وحسن ضيافتهم ووفائهم، وبتمسكهم بالحفاظ على أرضهم وعرضهم وشرفهم وكرامتهم، يحبون لكنهم لا يهادنون في حال التعدي عليهم زورا وبهتانا فيستشرسون في الدفاع عن أنفسهم. وبإسمكم ومعكم أنادي عاليا وأقول: نحن هنا للعيش معا ونحن أمناء لعهدنا لكننا نلقن من يعادينا أو يعتدي علينا درسا لا ينساه أبدا وتاريخنا شاهد علينا”.
وختم: “هذه الأرض مقدسة بما فيها وبمن عليها، إنها أيقونة الموارنة وحصنهم الحصين ومحط أنظار الشرق والعالم، إنها الأرض الأقرب إلى السماء.”
وطنية