ها هو الموت يخطف أسماء جميلة مجدداً. هذه المرة غابت منى مرعشلي الى الأبد. هذا الوجه البريء الذي اختصر حكاية سيّدة فرضت حضور صوتها الألماسيّ في عالم الأغنية العربية بثقة. رحلت منى مرعشلي الى الأبد بعد غياب عن الغناء فرضته ظروفها الخاصة. غاب الصوت الذي غنى الطرب الأصيل من “شمس المغارب” و”سألت كل مسافر”، “تركني انسالي اسمي”، “لك شوقة عندنا”، “علشان عيونك” و”ليه تحلف بعنيا” و”مالي ومالك يا هوى” وغيرها.
رحلت الوعد الجميل كما نعاها وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال ريمون عريجي عن عمر 58 عاماً، ومَن نسي أعمالها القديمة حتماً سيعود لسماعها اليوم مترحّماً على زمن لن يتكرر.
كنا حين سمعناها تغني منذ أن خرجت هذه الظاهرة من ستوديو الفن مطلع السبعينات من القرن الماضي، نشعر بالمدى يشدّنا إلى حنين دافئ، وعلى أجنحة صوت نديّ صافٍ وإحساس مرهف ترتحل بحب إلى عالم مختلف، ينبض بحنان وحياة.
الوجه البريء والابتسامة الخجولة اختصرا حياة منى مرعشلي، وصوتها الذي أدهش كبار الفنانين في لبنان ومصر والعالم العربي، كظاهرة لا تتكرر، غاب هذا الوجه مع رحيل مفاجئ.
وكانت دخلت الفنانة الراحلة منذ أسبوعين إلى المستشفى لإجراء جراحة استئصال المرارة، وخرجت منها في اليوم التالي بعدما أكدت الفحوص الطبية التي أجريت لها أنّ صحتها جيدة جداً، والجراحة نجحت مئة في المئة، إلا أنّها عادت أدراجها في اليوم التالي إلى المستشفى بعد اضطرابات حادة في معدتها، لتمكث فيها نحو 5 أيام. وبعدما استقر وضعها الصحي، الا أنها فارقت الحياة جراء نوبة قلبية حادة فجر أمس وهي نائمة في سبات عميق. وقد ووريت الفنانة الراحلة في الثرى عصر أمس في جبانة الحرج في بيروت، وتتقبل العائلة التعازي اليوم الثلثاء وغداً الأربعاء في مركز طبارة في منطقة الصنائع، من الثالثة إلى السادسة مساء.
ونعى الوزير ريمون عريجي الفنانة منى مرعشلي في بيان جاء فيه: “غروب” منى مرعشلي فاجأ الوسط الفني وقادري الطرب الاصيل… صوت أخّاذ خسره لبنان والفن. مسار واعد بدأته منى مرعشلي من ذاكرة ستوديو الفن، سبعينات القرن الماضي، أغنى ليالي السُّمار وأطرب جمهور لبنان عبر شاشة تلفزيون لبنان صوتاً، أداء، وحضوراً.
سمعناها صوتاً ولحنا ومن كلمات الكبار وكانت وعداً جميلا لم يكتمل مساره!
اعتزالها الفن باكراً ورحيلها المحزن يترك اسى وحنينا الى زمن جميل.
النهار