استهل البابا رسالته التي قرأها أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين موجهة تحية إلى المشاركين في اللقاء الذي يرمي إلى التباحث في حظر المواد التي تُضعف طبقة الأوزون. وأكد فرنسيس أن هذا البروتوكول، فضلا عن معاهدة فينا بشأن حماية طبقة الأوزون، يشمل نموذجاً للتعاون الدولي ليس فقط في مجال حماية البيئة، لكن أيضا على صعيد التنمية البشرية المتكاملة.
بعدها لفت البابا إلى أن خمساً وثلاثين سنة مضت على أول معاهدة دولية ملزمة قانوناً بشأن حماية طبقة الأوزون والتي تم التوقيع عليها في فينا في الثاني والعشرين من آذار مارس من العام 1985، وقد صدّقت عليها اليوم مائة وسبع وتسعون دولة. وذكّر فرنسيس بالدراسات العلمية التي تتحدّث عن ترقق طبقة الأوزون، مشيرا إلى أن المعاهدة الدولية المذكورة أبصرت النورَ نتيجة التعاون الخصب بين مختلف القطاعات: العلمي، السياسي، والاقتصادي والصناعي فضلا عن إسهام المجتمع المدني. وأوضح البابا أن هذا التعاون يُظهر كيف يمكننا أن نتوصل إلى نتائج هامة، تساهم في حماية الخليقة، تعزيز التنمية البشرية المتكاملة، الاعتناء بالخير العام بروح من التعاضد بشكل يحمل تأثيرات إيجابية على الأجيال الحاضرة والمستقبلية.
لم تخل رسالة البابا فرنسيس إلى تسليط الضوء على أهمية الحوار، إزاء هذا التحدي الذي نواجهه اليوم، معتبرا أن هذا الحوار ينبغي أن يكون نزيهاً وخصباً وقادراً فعلا على الإصغاء لاحتياجات الناس، وبعيداً عن المصالح الخاصة، ويجب أن يكون مرفقاً بروح من التعاضد والإبداع، لأن هذا أمر لا بد منه من أجل بناء حاضر ومستقبل الأرض. ثم لفت فرنسيس إلى أن المشكلة لا تواجَه من خلال نظرة تكنولوجية لا تأخذ في عين الاعتبار الترابط القائم بين مختلف العناصر، لأنها غالباً ما تحل مشكلة ما، لكنها تخلق مشاكل أخرى.
بعدها أعلن البابا أن الكرسي الرسولي يود الانضمام إلى ما يُعرف بـ”تعديل كيغالي” الملحق بهذا البروتوكول والمتعلق بمنع المواد التي لا تضر بطبقة الأوزون لكنها تؤثّر على ارتفاع حرارة الغلاف الجوي، مشيرا إلى أهمية أن يحظى هذا التعديل بموافقة أكبر عدد ممكن من البلدان، تماماً كما حصل مع معاهدة فينا وبروتوكول مونتريال. ولفت إلى الرباط القائم بين حماية طبقة الأوزون ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. وأكد أننا نعيش اليوم مرحلة تاريخية مطبوعة بتحديات ملحة، وينبغي أن يحفّزنا البحث عن ثقافة موجهة نحو الخير العام.
ورأى فرنسيس أن هذا الأمر يتطلب نظرة بعيدة المدى بشأن ضمان التنمية البشرية لأفراد العائلة البشرية كافة. ولا بد أن تتكوّن هذه النظرة ضمن البيئات التربوية والثقافية، حيث يُربّى الأشخاص على المسؤوليات السياسية والعلمية والاقتصادية، وحيث تُتخذ القرارات المسؤولة. ختاماً عاد البابا ليشدد على أهمية قيام حوار حقيقي مع التأكيد على ضرورة أن تكون الحلول التكنولوجية جزءاً من نظرة أشمل تأخذ في عين الاعتبار الروابط القائمة بين مختلف العناصر، وأن ترتكز القرارات إلى مفهوم الإيكولوجيا المتكاملة. هذا ثم عبر البابا فرنسيس في رسالته عن أمله بأن يستمر هذا النشاط الدولي من أجل الحفاظ على طبقة الأوزون، وأشاد أيضا بجميع المبادرات الحميدة الأخرى والهادفة إلى حماية البيت المشترك، متمنياً متابعة السير قدماً على هذه الدرب المعقدة، لكنها في الوقت نفسه ملزمة ومحفّزة.
أخبار الفاتيكان