لمناسبة الذكرى السنوية السبعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948، والذكرى السنوية الخامسة والعشرين لإعلان وبرنامج عمل فينا بشأن الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم افتُتحت في جامعة غريغوريانا الحبرية بروما أعمال مؤتمر دولي حول موضوع “حقوق الإنسان في العالم المعاصر: إنجازات، إخفاقات وإنكار”.
شارك في اللقاء الذي نظمته الجامعة الحبرية بالتعاون مع الدائرة الفاتيكانية المعنية بالتنمية البشرية المتكاملة، ويستمر على مدى يومين، رئيس الدائرة الكاردينال بيتر توركسون الذي قرأ على المؤتمرين رسالة وجهها لهم البابا فرنسيس الذي حيا المشاركين ممثلي مختلف الدول لدى الكرسي الرسولي فضلا عن مندوبي المنظمات الدولية والمجلس الأوروبي واللجان الأسقفية والعالم الأكاديمي ومنظمات المجتمع المدني. ولفت البابا إلى أنه من خلال الإعلانين المذكورين آنفاً شاءت الجماعة الدولية أن تقر بالكرامة المتساوية لدى جميع الأشخاص والتي تنبع منها الحقوق والحريات الأساسية المتجذرة في الكائن البشري وتكتسب طابعاً كونياً، وهي مترابطة فيما بينها ولا يمكن أن تُجزأ.
وذكّر فرنسيس بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948 يقر بأن لدى كل فرد واجبات تجاه الجماعة والتي ينمو فيها بحرية، ورأى أنه من الأهمية بمكان أن يتم إيلاء اهتمام خاص بمسألة احترام حقوق الإنسان في العالم المعاصر، على أمل أن يؤدي هذا الأمر إلى التزام متجدد لصالح الدفاع عن كرامة الكائن البشري، مع الأخذ في عين الاعتبار شرائح المجتمع الأكثر هشاشة وضعفا. وأكد البابا في هذا السياق أنه إذ نظرنا إلى الأوضاع الراهنة في مجتمعاتنا المعاصرة قد نتساءل ما إذا كان جميع البشر يتمتعون بالكرامة نفسها، كما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسبعين سنة خلت. وذكّر فرنسيس بأوضاع الظلم العديدة الراهنة في العالم المعاصر، ناهيك عن انتشار نظرة أنتروبولجية تقلل من قيمة الإنسان فضلا عن طغيان نموذج اقتصادي يرتكز إلى الربح ولا يتردد في استغلال الإنسان أو إقصائه أو حتى قتله.
وكتب البابا أن فكره يتجه بنوع خاص إلى الأجنة التي تُحرم من حقها في الحياة، والأشخاص العاجزين عن عيش حياة كريمة، ومن هم مستبعدون من الخدمات التربوية، أو من حرموا من فرص العمل أو المجبرين على العمل بظروف شبيهة بالعبودية، والمعتقلين في ظروف لا إنسانية ويتعرضون للتعذيب، وضحايا الإخفاء القسري ووعائلاتهم. وأكد فرنسيس أنه يفكر أيضا بمن يعيشون في أجواء تسيطر عليها الشبهات ويتعرضون للاحتقار وانعدام التسامح والتمييز والعنف بسبب انتمائهم العرقي، القومي أو الديني. وأضاف البابا أنه لا يسعه أن ينسى من يعانون من تبعات الصراعات المسلحة وتُنتهك حقوقهم الأساسية، وحيث يغتني “تجار الموت” على حساب دماء أخوتهم وأخواتهم.
وشدد فرنسيس على أن هذه الظواهر الخطيرة تحاكينا جميعاً لأنه عندما تُداس الحقوق الأساسية أو عندما تُصان بالنسبة لفئة معينة من المجتمع يقع الظلم والذي بدوره يغذي صراعات لا تُحسب نتائجها أكان على صعيد الدولة المعنية أم خارج حدودها. ومن هذا المنطلق أكد البابا أن كل واحد منا مدعو إلى الإسهام بشجاعة وحزم من أجل ضمان حقوق الإنسان الأساسية لكل فرد، خصوصا للأشخاص “غير المرئيين” الذين يعيشون على هامش المجتمع. وأضاف أن متطلبات العدالة والتضامن هذه تكتسب أهمية خاصة بالنسبة للمسيحيين لأن الإنجيل يطلب منهم أن يلتفتوا نحو الآخرين ويعملوا على التخفيف من معاناتهم.
في ختام رسالته إلى المشاركين في المؤتمر الدولي حول موضوع “حقوق الإنسان في العالم المعاصر”، شاء البابا أن يوجّه نداء إلى المسؤولين عن المؤسسات، ودعاهم إلى وضع حقوق الإنسان في محور كل السياسات المتبعة، بما في ذلك المتعلق منها بالتعاون من أجل التنمية، حتى إذا اقتضى ذلك السير في عكس التيار. وتنمى فرنسيس أن تساهم أعمال المؤتمر الدولي في إيقاظ الضمائر وتشكل مصدر إلهام لمبادرات ترمي إلى حماية وتعزيز الكرامة البشرية وسأل الله أن يبارك جميع المؤتمرين.
فاتيكان نيوز