بعث البابا فرنسيس برسالة إلى المشاركين في منتدى حول الاقتصاد نظمه مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية. استهل البابا رسالته متحدثا عن الكاريزما في الكنيسة الذي ليس شيئا جامدا بل إنه نهر من المياه الحية التي تروي بذور الخير والصلاح وأكد أن الكاريزما هو واقع حي لذا لا بد أن يُثمر وينمو في الأمانة الخلاقة كما ذكّرنا البابا يوحنا بولس الثاني في الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس “الحياة المكرسة”. ولفت البابا فرنسيس إلى أن الحياة المكرسة في طبيعتها علامة ونبوءة لملكوت الله لذا من الأهمية بمكان أن يتم الحفاظ على كل هذه المواهب حية كي تتمكن من التجاوب مع الأوضاع الملموسة في الأزمنة والأماكن التي يشهد فيها الرجال والنساء المكرسون لجمال اتبّاع المسيح.
وأشار البابا إلى أن الحديث عن الكاريزما يعني في الواقع الحديث عن الهبة والمجانية والنعمة. وينبغي أن يُدرك هذا الأمر أيضا الملتزمون في الحياة الاقتصادية نظرا لأهمية الاقتصاد لأنه إما يساهم في تحقيق العدالة والتضامن أو يولّد أوضاعا من التهميش والإقصاء. كما ينبغي أن يحرك منطق المجانية حياة ونشاط جميع الأشخاص المكرسين، المدعوين إلى إقامة علاقات الأخوة والشركة والتضامن مع الأشخاص الأشد فقرا وعوزا. وذكّر البابا المؤتمرين بما جاء في الرسالة العامة للبابا الفخري بندكتس السادس عشر “المحبة في الحقيقة” الذي شدد على ضرورة خلق فسحات لمبدأ المجانية كتعبير عن الأخوة. من هذا المنطلق لا بد أن يصغي الأشخاص المكرسون إلى صراخ الوجع والفقر والعوز ويستمعوا إلى صوت من يبحث عن العزاء والمواساة والعمل على معالجة أوضاع الظلم، خصوصا تلك المتأتية عن المشاكل الاقتصادية.
بعدها انتقل البابا إلى الحديث عن الأمانة للرب أي أن نتساءل عما يريده منا أن نفعل اليوم في ظل الأوضاع الصعبة التي نعيش فيها. ولفت فرنسيس إلى أن المواضيع المطروحة على طاولة النقاش خلال هذا المنتدى تتعلق بكيفية التعبير عن الكاريزما الذي نلناه للآخرين كي تتلاءم هذه المواهب مع رسالة الكنيسة ونشاطها. كما أن البقاء أمناء لهذا الكاريزما يتطلب منا شجاعة كبيرة، وعلينا أن نقوم بالتمييز مبقين أنظارنا موجهة نحو الرب وآذاننا مصغية لكلمته ولصوت الفقراء.
من هذا المنطلق ـ تابع البابا يقول ـ يجب أن نعيد النظر في الأنظمة الاقتصادية من خلال قراءة متأنية لكلمة الله وللتاريخ، وينبغي أيضا أن نصغي إلى همسات الله في صرخة الفقراء والمحتاجين. وأكد البابا أن النشاط الذي تقوم به الجمعيات الرهبانية على صعيد أعمال المحبة يعيد الكرامة للأشخاص، ضحايا الإقصاء وللضعفاء: كالأجنة التي لم تولد بعد، والفقراء والمرضى والمسنين والمعوقين.
ولم تخلُ كلمة البابا من الإشارة إلى ضرورة تنمية علاقات الشركة بين مختلف معاهد الحياة المكرسة فضلا عن التعرّف على الأدوات التشريعية والقانونية والاقتصادية التي تسمح بإقامة شبكة من التعاون من أجل الاستجابة للتحديات الجديدة وتوحيد القوى خدمة للملكوت وللبشرية. كما أن الحوار مع الكنائس المحلية أمر في غاية الأهمية فضلا عن القيام بتمييز يستخدم المال ولا يكون في خدمة المال.
وختم البابا رسالته مشيرا إلى أهمية البدء من خلال الخيارات اليومية، ولفت إلى أن كل فرد مدعو إلى القيام بواجبه، واتخاذ خيارات تضامنية، والاعتناء بالخلق والنظر إلى احتياجات الفقراء. وذكّر البابا المشاركين في الندوة بما جاء في رسالة القديس يوحنا الأولى ” مَن كانَت لَه خَيراتُ الدُّنْيا ورأَى بِأَخيهِ حاجَةً فأَغلَقَ أَحشاءَه دونَ أَخيه فكَيفَ تُقيمُ فيه مَحبَّةُ الله؟ يا بَنِيَّ، لا تَكُنْ مَحبَّتُنا بِالكلام ولا بِاللِّسان بل بالعَمَلِ والحَقّ”.
إذاعة الفاتيكان
الرئيسية | أخبار الكنيسة | رسالة البابا إلى المشاركين في منتدى حول الاقتصاد نظمه مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية