“المحبّة الراعويّة هي التي تدفعنا للخروج للقاء البعيدين، وبعدها لنبدأ معهم مسيرة قبول ومرافقة وتمييز واندماج في الجماعة الكنسيّة” هذا ما تمحورت حوله رسالة البابا فرنسيس التي وجهها إلى أساقفة بوينوس آيرس مجيبًا على الرسالة الراعوية التي أصدروها تحت عنوان: المعايير الأساسيّة لتطبيق الفصل الثامن من الإرشاد الرسولي “فرح الحب”.
وإذ عبّر الأب الأقدس عن تقديره لهذه الرسالة شدّد البابا على قدرتها في إظهار المعنى الكامل للفصل الثامن للإرشاد الرسولي – ذلك الذي يتمحور حول مرافقة وتمييز وإدماج الضعف – بدون أي تفسيرات أخرى، وأكّد الحبر الأعظم على أن هذه الرسالة ستساعد جدًّا على المستوى الراعوي لاسيما لأنها تقوم على المحبّة الراعويّة.
تابع البابا فرنسيس يقول تشكل هذه الرسالة مثال مرافقة حقيقي للكهنة مسلِّطًا الضوء على ضرورة قرب الأسقف من كهنته والكهنة من أسقفهم؛ في الواقع، يكتب الأب الأقدس “إن أقرب “قريب” للأسقف هو الكاهن ووصيّة محبّة القريب كمحبتنا لأنفسنا تبدأ بالنسبة لنا نحن الأساقفة مع كهنتنا”. من الطبيعي أن تكون المحبة الراعوية التي تقوم على بحث مستمرٍّ عن الآخر متعبة بالنسبة لمن يعيشها ولكن الأمر يتعلّق براعوية قرب شخصي لا يمكنها أن تتحول إلى برامج وتنظيمات قانونيّة. وحول المواقف الراعوية الأربعة التي تتحدّث عنها الرسالة – الاستقبال والمرافقة التمييز والإدماج – قال البابا إن التمييز هو من أقل المواقف المعاشة والمُطبّقة.
لذلك تابع البابا فرنسيس مؤكّدًا أنّه من المُلحِّ أن تؤخذ بعين الاعتبار التنشئة على التمييز الشخصي والجماعي في الإكليريكيات وفي تنشئة الكهنة؛ وذكّر الحبر الأعظم في هذا السياق أن الإرشاد الرسولي “فرح الحب” هو ثمرة عمل وصلاة الكنيسة بأسرها وبفضل عمل جمعيّتين عامتين لسينودس الأساقفة مع الأب الأقدس، وبالتالي شجّع البابا في هذا السياق على تقديم تعليم كامل وشامل حول الإرشاد الرسولي الذي سيساعد بالتأكيد على نمو العائلة وثباتها وقداستها.
تتمحور رسالة أساقفة بوينوس آيرس حول الفصل الثامن من الإرشاد الرسولي “فرح الحب” وتذكّر بموجب الحصول على “إذن” للتقدّم من الأسرار وإنما بعد مسيرة تمييز ومرافقة من قبل الكاهن، وينبغي على هذه المسيرة أن تكون شخصيّة وراعويّة؛ فالمرافقة في الواقع هي مسيرة في درب المحبة ودعوة لإتباع خطى يسوع.
ويكتب أساقفة بوينوس آيرس إنها مسيرة تتطلّب من الكاهن محبة راعوية إذ ينبغي عليه أن يقبل التائب ويصغي إليه بانتباه ويظهر له وجه الكنيسة الوالدي فيما يقبل نواياه المستقيمة وقصده الصالح بإعادة وضع حياته بكاملها في ضوء الإنجيل وعيش المحبّة. هذه المسيرة يتابع أساقفة بوينوس آيرس لا تنتهي بالضرورة في الأسرار وإنما يمكنها أيضًا أن توجّه نحو أشكال أخرى للإدماج في حياة الكنيسة كحضور أكبر في الجماعة ومشاركة في مجموعات الصلاة والتأمل أو الالتزام في الخدمات الكنسيّة.
ولذلك تشدد الرسالة في هذا الإطار على أهميّة المرافقة الصبورة والتمييز من قبل الكهنة للبحث عن أساليب إدماج لأنّه من الأهميّة بمكان أن يتم توجيه الأشخاص ليتمكنوا من المثول بضمير حي أمام الله ولذلك تحث الرسالة على ضرورة فحص الضمير لاسيما حول ما يختص بالأبناء والشريك الذي تمّ هجره؛ لأنه في حال وجود بعض الأمور التي لم تُحلّ يُصبح التقدُّم من الأسرار حجر عثرة.
وفي هذا السياق تؤكّد الرسالة أنه من الأفضل أن يتمّ الاقتراب من الأسرار بشكل حكيم ومتحفِّظ لاسيما في وجود أوضاع نزاع معيّنة، وفي الوقت عينه ينبغي مرافقة الجماعة لكي تنمو في روح تفهُّم وقبول بدون أن يسبب هذا الأمر بلبلة في تعليم الكنيسة حول عدم انحلال الزواج. لذلك وفي هذا السياق يذكّر الأساقفة بأن الجماعة هي أداة الرحمة غير المشروطة والمجانيّة ويشدّدون على أهميّة التمييز الذي لا ينتهي أبدًا بل ينبغي أن يبقى مفتوحًا على الدوام على مراحل نمو جديدة وقرارات جديدة تسمح بتحقيق الأفضل بشكل كامل وشامل.
إذاعة الفاتيكان