بعث البابا فرنسيس برسالة إلى المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا. تطرق البابا في الرسالة التي حملها إلى المؤتمر الكاردينال بيتر توركسون، رئيس المجلس البابوي للعدالة والسلام، إلى المشاكل التي يعاني منها عالم العمل حيث تقوم “الثورة الصناعية الرابعة” بالحد من فرص العمل، في وقت تشير فيه آخر دراسات المنظمة الدولية للعمل إلى أن مئات ملايين الأشخاص هم اليوم عاطلون عن العمل وهذا الأمر ـ كتب البابا ـ يؤدي إلى زيادة معدلات الفقر وانعدام المساواة في مناطق عدة حول العالم، وشدد في هذا السياق على ضرورة عدم ترك التطور التكنولوجي يسيطر على الإنسان.
وأطلق البابا نداء إلى المشاركين في منتدى دافوس داعيا الجميع إلى عدم نسيان الفقراء والمهمشين ومذكرا بمسؤولية صانعي القرارات تجاه الأشخاص المعوزين والأقل حظا، كما أشار البابا في الخطاب الذي وجهه إلى الطبقة الحاكمة في جمهورية أفريقيا الوسطى خلال زيارته هذا البلد في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وحذّر من مغبة أن تخدّر الإنسانَ ثقافة الرخاء وتمنعه من الشعور بالرأفة حيال صراخ الآخرين. واعتبر البابا فرنسيس في رسالته أن البكاء أمام مآسي الآخرين لا يعني فقط المشاركة في آلامهم ومعاناتهم، إذ لا بد أن ندرك اليوم أن أفعالنا هي مسؤولة عن حالات الظلم وانعدام المساواة. ودعا إلى فتح الأعين “كي نرى بؤس العالم، جراح العديد من الأخوة والأخوات المحرومين من الكرامة، لنشعر بأننا مستفَزون للإصغاء لصرخة النجدة التي يطلقونها. لنشد بأيدينا على أيديهم، لنجذبهم إلينا كي يشعروا بحرارة حضورنا وصداقتنا وأخوّتنا. لتصبح صرختهم صرختنا، ولنهدم معا حاجز اللامبالاة التي غالبا ما تسود لتخفي الخبث والأنانية”.
هذا ثم اعتبر البابا أنه إزاء التبدلات الجذرية والعميقة التي نشهدها اليوم من الأهمية بمكان أن يواجه القادة العالميون التحدي المتمثل في حماية الكائن البشري من نتائج ما يُسمى بالثورة الصناعية الرابعة التي تؤثّر على الإنسان وعلى البيئة أيضا. من هذا المنطلق ـ كتب البابا في رسالته ـ لا بد من العمل على بناء مجتمع بشري يشمل الجميع ويرتكز إلى احترام الكرامة البشرية والتسامح والرأفة والمحبة. وبهذا يمكن أن يصبح المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس منصة لحماية الخلق والدفاع عنه من أجل التوصل إلى عملية سليمة وبشرية واجتماعية متكاملة. وأمل البابا في الختام أن يتم العمل على تحقيق أهداف أجندة التنمية المستدامة للعام 2030 والاتفاق الذي تم التوصل إليه في باريس بشأن مواجهة ظاهرة التبدلات المناخية.
إذاعة الفاتيكان