بمناسبة انعقاد اللقاء الدولي الذي تنظمه جماعة سانتيجيديو بالتعاون مع أبرشيّتي مونستر وأوسنابروك تحت عنوان “سبل السلام” وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة للمشاركين كتب فيها يشكّل موضوع هذا العام دعوةً لفتح وبناء سبل سلام جديدة. هناك حاجة ماسة إليها لاسيما حيث تبدو النزاعات بدون حلول وحيث لا تتمُّ المبادرة إلى مسيرات مصالحة ويتمّ الاتكال على الأسلحة ولا على الحوار وتترك شعوب بأسرها في ليالي العنف بدون الرجاء بفجر سلام.
تابع البابا فرنسيس يقول بالإضافة إلى المسؤولين السياسيين والمدنيين الذين ينبغي عليهم أن يعززوا السلام من أجل الجميع؛ تُدعى الأديان، اليوم وفي المستقبل، لتجيب على هذا العطش من خلال الصلاة والالتزام الملموس المتواضع والبنّاء وتحدّد وتفتح سبل سلام بدون كلل مع جميع الرجال والنساء ذوي الإرادة الصالحة. إزاء عدم تعقُّل من يدنّس اسم الله بزرعه للحقد وإزاء شيطان الحرب وجنون الإرهاب وقوّة الأسلحة المخادعة لا يمكن لدربنا للسلام إلا أن تكون دربًا يجمع تقاليد دينيّة حيث الشفقة واللاعنف أساسيّان ويشيران إلى درب الحياة.
أضاف الحبر الأعظم يقول لكي نفتح أبواب سلام نحن بحاجة للشجاعة المتواضعة والمثابَرة الحازمة ولكن وبشكل خاص نحن بحاجة للصلاة، لأنَّ الصلاة هي أساس السلام. وكقادة دينيين، لدينا في هذه المرحلة التاريخيّة، مسؤوليّة مميّزة: أن نكون ونعيش كأشخاص سلام يشهدون ويذكّرون أن الله يكره الحرب وأنَّ الحرب ليست أبدًا مقدّسة وأنّه لا يمكن ارتكاب العنف أو تبريره باسم الله. وبالتالي نحن مدعوون لإيقاظ الضمائر ونشر الرجاء وتحفيز ودعم صانعي السلام.
تابع الأب الأقدس يقول إن ما لا يمكننا فعله وما لا ينبغي علينا فعله هو أن نقف غير مبالين، فتصبح مأساة الحقد طيَّ النسيان ونستسلم لفكرة أن الكائن البشريّ قد أصبح مهمّشًا ويتقدّمه السلطة والربح. يبدو أن لقاء هذه الأيام، والذي يرغب بفتح وتعزيز سبل سلام من أجل السلام، يريد أن يجيب على هذه الدعوة: التغلّب على اللامبالاة إزاء الألم البشري. أشكركم على هذا الأمر وعلى واقع أنّكم معًا بالرغم من الاختلافات وتبحثون معًا عن مسيرات تحرُّرٍ من شرور الحرب والحقد. والخطوة الأولى، لكي تقوموا بهذا، هي الإصغاء إلى ألم الآخر وأخذه على عاتقنا.
أضاف البابا فرنسيس يقول ومع ذلك يمكننا أن نتساءل: ماذا علينا أن نفعل أمام هذا الشر الذي ينتشر ويدمّر؟ أليس قويًّا جدًا؟ أوليست جهودنا كلها بلا فائدة؟ إزاء هذه الأسئلة نجد أنفسنا عرضة للشلل والاستسلام؛ أما أنتم فقد بادرتم في مسيرة وقد اجتمعتم اليوم لتقدّموا جوابًا، لا وبل وجودكم معًا هو جواب سلام. إنّه لجوهري أن يتمَّ لقاؤكم في قلب أوروبا، وفي السنة التي يُحتفل بها بالذكرى الستين لتوقيع المعاهدات المؤسِّسة للجماعة الأوروبيّة والتي تمّت في روما عام 1957. ليكن حضوركم في ألمانيا علامة ودعوة لأوروبا كي تعزّز السلام من خلال الالتزام ببناء سبل وحدة داخليّة ثابتة وانفتاح أكبر نحو الخارج، بدون أن تنسوا أن السلام ليس ثمرة التزام الإنسان وحسب وإنما أيضًا ثمرة الانفتاح على الله.
وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول لنستمرّ هكذا في فتح سبل سلام جديدة، فتضيء أنوار السلام حيث تسود ظلمات الحقد ولتكن فينا الرغبة فنهدم الحواجز التي تفرّق، ونّوطد الربط التي تجمع بالمحبة المتبادلة، ونتفهم الغير، ونصفح عمن أساؤا إلينا. فيقوم هكذا بين شعوب الأرض كلها مجتمع أخوي حقيقي، يسوده دوماً ويزهر فيه السلام المُشتهى.
إذاعة الفاتيكان
الوسوم :رسالة البابا فرنسيس للمشاركين في اللقاء الدولي "سُبل السلام"