تحدث في هذا السياق عن تطورات التكنولوجيا الرقمية التي أحدثت تغييرا في حقبتنا وتصرفاتنا مبدِّلة كيفية عيش وقت الراحة والعطلات، الحركة والسياحة بأشكالها المختلفة. أشار بعد ذلك إلى التغيرات التي طرأت على الحياة الاجتماعية وكيفية فهم العلاقات بين الأشخاص، العمل، الصحة، الاتصالات، وذلك من خلال توسيع كون الأشخاص في اتصال ما يعني تقاسم المعلومات. وتابع أن هذا يسمح بتبادل الكثير من الآراء ووجهات النظر والرؤى المختلفة. وفيما يتعلق بالسياحة ذكّر عميد الدائرة بالبيانات التي تتحدث عن أن حوالي 50% من السياح يجمعون الانطباعات والمعلومات من الصور والتعليقات المتوفرة على الشبكة، بينما يتعرف 70% قبل اتخاذ القرار حول وجهة الرحلات السياحية على أعمال الفيديو والآراء لمن زار المناطق المختلفة. أكد الكاردينال توركسون بالتالي أن الاحتفال باليوم العالمي للسياحة يشكل فرصة للتأمل حول مساهمة التكنولوجيا وذلك لا قط من أجل تحسين المنتجات والخدمات، بل كي تكون هذه المنتجات والخدمات في إطار تنمية مستدامة ومسؤولة. وتابع أن على المستجدات الرقمية تعزيز الدمج ومشاركة الجماعات المحلية وإدارة حكيمة ومتوازنة للموارد.
توقفت الرسالة بعد ذلك عند ما يصفها الكاردينال توركسون بضرورة يجب الاهتمام بها، ألا وهي الاستدامة السياحية، وذلك في إشارة إلى التبعات السلبية لتدفق أعداد كبيرة من السياح على مناطق معينة، خاصة وأنه قد سُجلت العام الماضي زيادة في حركة السياحة بنسبة 7% كما يُتوقع ارتفاع متزايد خلال العقد القادم. وتحدث عميد الدائرة بالتالي عن اهتمام الكنيسة الدائم برعوية السياحة لكون السياحة والعطلات فرصة لتعزيز العلاقات العائلية واستعادة القوى والاستمتاع بجمال الخليقة. وذكّر في هذا السياق بكلمات البابا فرنسيس في الرسالة العامة “كن مسبَّحا”: “لكلّ خليقة وظيفة ولا وجود لخليقة عديمة الجدوى فالعالم المادّي بأكمله هو لغة محبّة الله، وعطفه علينا الذي لا قياس له” (“كن مسبَّحا” 84). وتابع الكاردينال أن السياحة ممر فعال للقيم والمبادئ في حال توفيرها الفرص لنمو الشخص البشري سواء فيما يتعلق بالانفتاح على الله أو اللقاء بالأشخاص الآخرين والعلاقة مع الطبيعة. أكد أيضا على أن استخدام التقنيات الرقمية يمكن أن يكون فرصة فقط لتحسين الخدمات بل وأيضا للتربية على المسؤولية المشتركة عن البيت المشترك، وذلك من خلال أشكال من التجديد تساعد على حماية البيئة. وعاد مجددا إلى الرسالة العامة “كن مسبَّحا” فقال إنه حينما يكون هناك “مَيلٌ للاعتقاد بأن “كلّ زيادة في السلطة تُشكّل ببساطة تَقَدُّمًا في حد ذاته، وزيادة في الأمن والمنفعة والرفاه والطاقة الحيوية والقيم، وكأن الواقع والخير والحق تنبع تلقائيًّا من السلطة التكنولوجية والاقتصادية ذاتها” (“كن مسبَّحا” 105)، فإننا نتحدث عن استخدام غير سليم للتقنيات الرقمية يلغي الكرامة البشرية.
أعطى الكاردينال توركسون بعض الأمثلة عن هذا الاستخدام السيء فأشار إلى استغلال البيانات الشخصية ودور اللوغاريتمات الرقمية التي تتعامل مع البيانات لتُنتج بيانات ومعلومات جديدة لاستخدامها لأغراض تجارية ودعائية وحتى استراتيجية. تحدث من جهة أخرى وانطلاقا من الرسالة العامة “كن مسبَّحا” عن ضرورة توفير فرصة استخدام الأدوات الرقمية للجميع مع احترام وحماية حرية الاختيار الفردية للأشخاص. وتابع أن الهدف ليس توسيع السياحة باستخدام التقنيات الرقمية الجديدة بل أن يرافَق استخدام التكنولوجيا بوعي متزايد للفرد والجماعة بالاستخدام المحترِم للبيئة من أجل تنمية مستدامة.
هذا وخصص الكاردينال بيتر توركسون عميد الدائرة الفاتيكانية المعنية بالتنمية البشرية المتكاملة الرسالة بمناسبة اليوم العالمي للسياحة 2018 للشباب أكثر مستخدمي العالم الرقمي، فذكّر بحديث أداة العمل الخاصة بالسينودس القادم حول الشباب عن ضرورة توفير مسيرات تنشئة وتربية أنثروبولوجية كي يتمكنوا من عيش “حياتهم الرقمية” بدون الفصل بين التصرفات في العالمين الافتراضي والواقعي، وألا يخدعهم العالم الرقمي بتشويهه لاستيعاب الواقع. ذكّر أيضا بكلمات البابا فرنسيس في الرسالة بمناسبة اليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية 2014: “لا يكفي أن نعبر “الطرقات” الرقميّة، أي أن نكون متصلين بالشبكة، وإنما على هذا الاتصال أن يترافق بلقاء حقيقيّ، لأننا لا يمكننا أن نعيش وحدنا، منغلقين على أنفسنا. نحن بحاجة لنُحِب ونُحَب”. وختم الكاردينال توركسون معربا باسم الدائرة، مستعيرا كلمات البابا الطوباوي بولس السادس، عن الرجاء في أن تساهم السياحة في تمجيد الله وتثمين الكرامة البشرية، المعرفة المتبادلة الأخوّة الروحية وراحة الجسد والنفس.
إذاعة الفاتيكان