المسيح قام، حقا قام، بهذا الهتاف الذي نعلن به مضمون إيماننا المسيح، حسب كلمات غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قدم البطريرك الماروني التهاني والتمنيات إلى الجميع في رسالة القيامة والتي تحمل عنوان “لماذا تطلبن الحي بين الأموات” (لو 24، 5). وعن مضمون إيماننا قال “كلمة الله حيّ منذ الأزل وإلى الأبد. وهو حياة بطبيعته الإلهيّة لا بداية لها ولا نهاية. لكنّه مات كإنسان من أجل فدائنا، وقام كإله من الموت لتقديسنا، وليكون لنا الطريق المؤدّي إلى اللافساد. وهكذا أشرك البشرية جمعاء في قيامته. هذا هو مضمون إيماننا المسيحي الذي نعلنه بهتاف: “المسيحُ قام، حقًّا قام””.
ثم توقف غبطة البطريرك عند رسالة الكنيسة مذكرا بالنسوة اللواتي أتين إلى القبر لتطييب جسد يسوع، وأضاف أنهن “عُدْن حاملات طيب بشرى قيامته التي تطيّب البشرية بأسرها، وحياة كلّ إنسان، ومجرى التاريخ. هذه البشرى تسلّمنها من الملاكَين، حتى بلغت إلينا، لننقلها بدورنا إلى العالم المتعطّش إلى معرفة سرّ المسيح، سرِّ آلامه وموته وقيامته لخلاص كلّ إنسان ببثّ الحياة الجديدة فيه”. وتابع غبطته: “هذه هي رسالة الكنيسة، قبلناها بالمعمودية والميرون، ثمّ بنعمة الكهنوت والأسقفيّة وبالنّذور الرّهبانيّة. إنّها رسالة نشر “طيب” المسيح، وهي في جوهرها وطبيعتها رسالة روحيّة قوامها نشر كلمة الإنجيل وتعليم الكنيسة، وتوزيع نعمة الأسرار لتقديس النفوس، وتكوين الجماعة المؤمنة برباط الرّوح القدس، روح الحقيقة والمحبّة، بهدف تحقيق السر الفصحي في المؤمنين والمؤمنات. فيتحرّروا من خطاياهم بنعمة الفداء، ويعبروا إلى الحياة الجديدة بنعمة القيامة، وينعموا بالبنوّة لله بالمسيح الإبن الوحيد، وبواسطته يعيشون جمال الأخوّة مع جميع الناس. إنّهم بذلك يقومون من كلّ حالة موت روحي أو معنوي أو اجتماعي بقوّة “الحيّ بين الأموات”.
وفي سياق حديثه عن الرسالة الاجتماعية للكنيسة أشار الكاردينال الراعي إلى أنها “فيما تقوم برسالتها الروحيّة، لا تستطيع إهمال رسالتها المميَّزة في المجتمع من أجل تحرير الإنسان من كلّ ما يعوّق نموّه البشري، والثقافي والإجتماعي والإنمائي”. وذكّر غبطته بالمشاكل الناتجة عن القانون الخاص بسلسلة الرتب والرواتب في المدارس الكاثوليكية والخاصة، وكرر ما تدعو إليه الكنيسة لمواجهة هذه القضية.
ثم عاد إلى قيامة يسوع مذكرا بأن “عالم اليوم كله بحاجة إلى قيامة القلوب لكي يتّقي الله ويستعيد منه المشاعر الإنسانيّة، من حبّ ورحمة وحنان، فيلطف بالفقراء والمحرومين، ويعيد المنكوبين والمشرّدين والمهجّرين والنّازحين والمخطوفين إلى بلدانهم وبيوتهم وممتلكاتهم، ويوقف الحروب في سوريا والعراق وفلسطين واليمن وسواها من البلدان، ويوطّد فيها السّلام العادل والشّامل والدّائم. هذا العالم بحاجة إلى “الحيّ بين الأموات”، لكي يقوم من موته الروحي والإنساني والسياسي”. وتوقف في سياق حديثه عند حاجة لبنان إلى “قيامة في كيانه وشعبه ومؤسساته كما وفي الممارسة السياسية والاقتصاد”، وإلى “خلق الدولة الوطن التي تؤمن بالتعددية”، وتحدث عن أمر ملح ألا وهو إنقاذ الوحدة الوطنية.
ثم ختم غبطة البطريرك الراعي رسالة القيامة مؤكدا أن “المسيح القائم من الموت “يقيم” الآمال المحطَّمة، ويعطي الشجاعة للنهوض والسَّير من جديد، وهو رفيق الدّرب مع كلّ إنسان: يهديه في الضياع، ويقويّه في الضعف، ويعزّيه في الحزن، ويقدّسه في الألم، ويساعده في دروب الخير والصلاح، ويسعده في الحياة، ويعطي معنى وقيمة لوجوده”.
إذاعة الفاتيكان