لا تدينوا لكي لا تدانوا
كلام بسيط للواقع الذي نعيشه اليوم
من منا لم يقرأ هذه العبارة التي قالها الرب ؟
ولمن قد تخونه الذاكرة سأقتبس بعض من كلام الرب في البشارة بحسب متى “لا تَدينوا لِئلاّ تُدانوا. فكما تَدينونَ تُدانونَ، وبِما تكيلونَ يُكالُ لكُم. لماذا تَنظُرُ إلى القَشّةِ في عَينِ أخيكَ، ولا تُبالي بالخَشَبَةِ في عَينِكَ؟ بلْ كيفَ تقولُ لأخيكَ: دَعْني أُخرجِ القَشّةَ مِنْ عَينِكَ، وها هيَ الخَشبَةُ في عينِكَ أنتَ؟ يا مُرائيّ، أخْرجِ الخشَبَةَ مِنْ عَينِك أوّلاً، حتى تُبصِرَ جيّدًا فَتُخرِجَ القَشّةَ مِنْ عَينِ أخيكَ. ”
لكن في هذه الايام وبتصفحي لبعض المقالات أرى ان هنالك ما هو مختلف عن ما كان يكتب سابقا
الأسلوب التهجمي الذي اصبحنا نراه وغالبا عن جهل او افتراء صار في ازدياد
فعلى سبيل المثال والتشبيه اني أرى عدة اخبار عن جمالية “فيينا” لكني انشر الخبر الوحيد الذي يتكلم عن قذارة الحي الفلاني فيها وأبني عليه قصص خيالية عن فساد الدولة والمدينة والشعب والى ما هنالك
وحتى ان تبين ان الخبر كان خاطئا لا أقوم بسحب كلامي ولا انشر ما الخبر المعاكس
هذا لا يجوز وهذا ان دل على شيء فهو يدل على ان الشخص الذي يقوم بهذا العمل له هدف مسبق لكتابه الموضوع ولم يقم الشخص بكتابه هذه القصص بناءً على ما ذُكر في الخبر الخاطئ بل ان القصة معدة مسبقا احتاج فقط للوقت المناسب ليحبكها حسب اخر المستجدات
فالكاتب والصحفي الجيد يعرف ما هي أهمية الوقت المناسب والمثالي لكتابه موضوع معين يجلب الشهرة
أهكذا تخلدت كتابات المشاهير من الكُتّاب والفلاسفة؟ هل بالتهجم واصطياد الفرص لنشر السموم؟
لكن لا تفهموني خطأ فانا لا اقصد ان نغض ابصارنا عن الفساد والخطأ
كلا بالعكس بل يجب دوما ان نضع الخطأ تحت المجهر ونحاول معالجته بأسلوب يعطي نتيجة جيدة ولا ننتقد لمجرد الانتقاد بأسلوب يزيد الفاسد فسادا والمذنب ذنبا
هنالك معايير يجب اتخاذها أهمها المصداقية والحيادية والاحترام
شخصا له تاريخ واعمال رائعة تشهد له لا يمكنني ان اهينه في اول سقطة وتجربة يقع فيها
فقال القديس بولس في رسالته الى اهل رومية ” الجميعُ زاغوا وفَسَدوا مَعًا. ليس مَنْ يَعمَلُ صَلاحًا ليس ولا واحِدٌ. ”
نعم نحن لسنا الهة حتى لو عشنا حياة توبة حقيقية لا يمنع اننا قد نسقط في أي لحظة
فالحل هو ليس بالإهانة والتشهير وصلب الجاني
لكن بمحاولة فهم ما يجري وما الذي حصل وبمحاولة النصح والتذكير بأهمية اتباع رسالة المسيح وعدم الانجرار وراء بعض الملذات الأرضية والدنيوية
نعم النصيحة مهمة جدا بل حتى التوبيخ لو كان فعل نابع من محبة وهدفه الفائدة والمصلحة العامة
فالأم توبخ ابنها لمحبتها له وعلى امل ان ابنها سيتعظ بكلامها لا لكي تهينه او تستخف به
فالاستهزاء والاهانة والتشهير على قدر ما تجلبه من ضرر للمجتمع عندما تكون على شخص عادي لدى الناس فما تفعله تلك التصرفات عندما تكون موجهة الى شخص هو قدوة او هو امل للبعض ستكون كارثي ومدمر.
فتخيلوا معي لو جاء شخص ما في يوم وانت تعيش حياة جميلة وهانئة وقال لك بان والدتك التي تعشقها هي بالحقيقة انسانة فاسقة ومدمنة وكل ما تعلمته منها كان كذباً وبعد التشهير وحرق الاعصاب ينهي قوله بانه قد سمع هذا من شخص ما.
ما هو شعور هذا الانسان ؟ هل سوف يقول شكرا لأنك اعطيتني الحقيقة ومن اليوم سوف اكمل حياتي بشكل طبيعي بدونها ؟
ام انه سوف ينهار نفسيا وجسديا وسوف يدمر حياته بنفسه بسبب الانهيار النفسي الذي حدث عليه؟
لن يستفيد احد من ما سيحصل لهذا الانسان بل كان من الاجدر الحذر قبل البوح بهكذا خبر او على الأقل التفكير بطريقة مناسبة ووقت مناسب. كلام كهذا الكلام
يحدث أيضا عندما نهين او ندين بغير وجه حق الكنيسة ورجالها
فجميل ان نحاول اصلاح و إيجاد العيوب التي فيها لكننا عندما نرغب في التشهير بها يجب ان نعرف جيدا:
ما الفائدة النهائية التي سنجنيها فيما لو قمنا بهذا العمل؟
من المستفيد من هنا وكيف سيستفيد هذا الشخص؟
من المتضرر وما هو حجم الضرر وهل يستحق الامر تلك الخسائر؟
هل الله يريد هذا حقا ويرضى عليه؟
يا سادة علينا ان نكون نبيهين وحكماء في انتقاداتنا وتصرفاتنا وان نحاول ان نركز انها تصب في مصلحة الشعب المؤمن وكذلك لنشر التوعية الحقيقية للإيمان المسيحي الصحيح والسير على خطى القديسين الذين باركوا الأرض التي نعيش عليها ووضعوا كل حياتهم لمجد اسم الرب يسوع المسيح
ولتكن كل افعالنا ناتجة عن محبة للأخرين وغيره على بيت الرب
ولنتذكر دوما قول الرب “عامِلوا الآخَرينَ مِثلَما تُريدونَ أنْ يُعامِلوكُم.”
ولتكن بركة الرب معكم يا سادة الى الابد.
أليتيا