توقف بعض زوار معرض الكتاب الفرنكوفوني أمس أمام هذه الجملة: “كتب حرة لمن يتوق أن يعيش حراً”. ابتسم بعضهم بعد قراءتها، وكأنهم يتهكمون على واقع الحريات عندنا، بينما تأمل البعض الآخر بمعانيها بشيء من الرجاء علها تعود قبل فوات الأوان.
لا يشبه الجو العام للمعرض إلا ذاته. جذب جناح وزارة الثقافة طلاباً من الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة “ألبا”. حملوا قلماً خاصاً للرسم أسود اللون، ليرسموا العناصر الخمسة المعترف بها، وهي الرواية، الشعر، الرسوم المتحركة، الشباب والمقالة. وعن سبب اختيار هذه العناصر لإنجاز الرسم قالت إحدى الطالبات: “هي مكونات للحرية لا بل ركائز أساسية لها”.
يختلف أسلوب التعبير عن الحرية في جناح مؤسسة جبران تويني. يقول نص الدعوة للزوار: لنرسم جبران…”. تتدفق الكلمات والرسوم شوقاً إلى جبران. كتبت رنده قائلة: “رجل كبير لا بل هامة كبيرة”. تضيف، “اننا نعتقد أن أثره أكثر من راسخ في قلوب الأجيال”. يواسي كريم نفسه قائلاً” إلى أبد الآبدين، اشتقنا إليك”. أو يكتفي أحدهم بالقول: “لبنان يفتقدك”. لم يكتمل الـ”هايد بارك” التعبيري عن جبران تويني إلا برسم قسمه الشهير محاطاً بقلب “نابض” فيه الهلال والصليب والقسم بأن “نبقى موحدين إلى أبد الآبدين…”. بدورها وقعت هيام اسمها قائلة: “قدر الأحرار أن نخسرهم ولكنهم يبقون في ذاكرتنا ومعنا دائماً”.
وقد واكبت المحاضرات أمس القضايا الساخنة من قضية فلسطين الى مصير مسيحيي الشرق وصولاً إلى واقع الشرق الأوسط في زمن الاضطرابات مروراً بالذكرى المئوية لإبادة الأرمن. هذه المحطات، التي قاربها مؤرخون وصحافيون، تكررت في فترات تاريخية، في جامع مشترك واحد هو صمت العالم المتحضر حيال ما يجري.
وفي جناح آغورا، تسلم الروائي كامل داود، الذي فاز بجائزة “غونكور خيار الشرق 2014″، النسخة المعربة من روايته Meursault contre-enquête، من مديرة دار الجديد رشا الأمير، وهي النسخة الصادرة عن الدار ودار برزخ الجزائرية.
وأقيم احتفال للمناسبة بدعوة من المعهد الفرنسي في لبنان والمكتب الإقليمي للوكالة الجامعية الفرنكوفونية– الشرق الأوسط.
ورحب المسؤول العام عن معرض الكتاب تيري كلكوتون بداود، مثنياً على أهمية اللقاء. أما المدير الإقليمي للوكالة الجامعية الفرنكوفونية – الشرق الأوسط إيرفيه سابوران فقد استعاد أهمية هذه الجائزة الأدبية الفرنكوفونية الإقليمية التي تمتاز بإقحام الطلاب الجامعيين من المنطقة كلها في إختيار الكتاب الفائز. وذكر أن هذه الجائزة، التي حظيت منذ تأسيسها إلى اليوم، بدعم أكاديمية غونكور، تنظم الجمعة 30 الجاري حفل الجائزة للسنة 2015 في حضور الروائية والكاتبة نجوى بركات، رئيسة لجنة التحكيم للسنة الثانية توالياً.
بدوره، نوه مدير المعهد الفرنسي في لبنان ومستشار التعاون والعمل الثقافي فيه دوني لوش بدور الشباب الجامعي الذين لهم الخيار الأول في منح هذه الجائزة. واستعادت نجوى بركات بعض المراحل التي ترافقت وإختيار كتاب داود، قائلة أن الجامعيين عكسوا عمقاً وشفافية في التحليل. أما داود، الذي كان لحضوره أثر مميز، فشدد على أن الفرنكوفونية ليست لغتي الأم بل هي لغة أخوية طبعت حياتي.
في التواقيع، وقع القاضي بيتر جرمانوس “منارة الشرق” في دار سائر الشرق”. ووقع شريف مجدلاني “فيلا النساء” في جناح “مكتبة البرج”. أما السبت فكان لقاء مع “الحلقة المفرغة للهويات الطائفية ” لكل من ميشال توما وميشال حجي جورجيو وفارس ساسين وجيرار سالم ولقاءات عدة ومجموعة من التواقيع.