التقت أبرشيات زحلة للصلاة من أجل وحدة الكنائس في كنيسة القديس جاورجيوس للسريان الأرثوذكس، حيث نظمت صلاة خاصة مع بداية أسبوع الصلاة من اجل وحدة الكنائس بعنوان “أقم لك قضاة… فيحكمون فيما بين الشعب حكما عادلا”، شارك فيها رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش وراعي أبرشية زحلة المارونية المطران جوزيف معوض وراعي ابرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت انطونيوس الصوري وراعي أبرشية زحلة للسريان الأرثوذكس المطران بولس سفر والقس رمزي ابو عسلي ممثلا الكنيسة الإنجيلية والأب اليشان ابارتيان ممثلا كنيسة الأرمن الكاثوليك وعدد من الرهبان والراهبات والمؤمنين.
وتلا الأساقفة صلاوات، وكانت ترانيم دينية لجوقة كنيسة القديس جاورجيوس للسريان الأرثوذكس بقيادة عبود زينو وجوقة يوحنا الذهبي الفم بقيادة اسعد بشارة وجوقة نسروتو بقيادة الأب مروان غانم وجوقة ابرشية زحلة وبعلبك للروم الأرثوذكس بقيادة الأب جورج معلوف، التي قدمت تراتيل من الطقوس البيزنطية والمارونية والسريانية.
وبعد الإنجيل المقدس الذي تلاه درويش، كانت كلمة لسفر تحدث فيها عن أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنيسة، وقال: “نجتمع اليوم أحبائي لنصلي من أجل الكنيسة، ليس فقط لأجل وحدتها لكن لأجل الكنيسة بالذات. الكنيسة حاملة سمات المسيح، لأعضاء الكنيسة الشاهدة على قيامة ربنا يسوع المسيح ومحبته للبشر، وما زالت تبشر به في كل أنحاء العالم. هذه الكنيسة التي تضطهد بأشكال كثيرة وفي دول كثيرة وفي اماكن متعددة. يختلف الإضطهاد ويخذ اوجها عدة. في العالم المتحضر تضطهد مما يسمى العولمة التي تقاوم في كثير من الأحيان قيم هذه الكنيسة وما ائتمنها عليه الرب يسوع المسيح، لذلك الكنيسة بحاجة دائما الى صلاة المؤمنين من اجلها لتثبت. الكنيسة كما نؤمن انها مؤسسة الهية وبشرية. بشرية من حيث ان اعضاءها من البشر المعمدين على اسم الرب يسوع المسيح، والهية من حيث نعمة الروح القدس فيها. هذه الكنيسة وبكامل ثقتنا انها مؤسسة على صخرة الإيمان، وأن الرب قال كلمته ان “ابواب الجحيم لن تقوى عليها”. هذا هو رجاؤنا كمؤمنين، ولكن هل هذا يمنع الإضطهاد؟ بالتأكيد لا، ولكن وسط كل هذا، الكنيسة تنظر الى الأشياء برجاء”.
أضاف: “في ما يخص الوحدة، كثر من الناس يعلقون على موضوع الصلاة: لماذا تصلون؟ توحدوا من يمنعكم؟ في الحقيقة نقول لأبنائنا ان الإكليروس اليوم يسعى بشكل جدي للوصول الى الوحدة المرجوة، ولكن علينا ان نقول شيئا مهما، انه بعد المجمع الفاتيكاني الثاني، كانت هناك خطوات هامة جدا باتجاه الوحدة قامت بها كنائس عديدة، واليوم الأعمال مستمرة والحوارات مستمرة، ولكن اريد ان اعلق على شيء هام، قد توجد في زحلة اليوم كنائس متعددة، على اختلاف قياداتها الكنسية، ذلك لا يعني اننا لسنا موحدين. توحدنا اشياء كثيرة، يوحدنا الكتاب المقدس، يوحدنا ايماننا بالرب يسوع المسيح، وتوحدنا فوق كل شيء الأسرار المقدسة، الأسرار السبعة التي نؤمن بها، وتوحدنا ايضا الرسولية والتسلسل الرسولي الذي نؤمن به، وان وجدنا تحت قيادات مختلفة، وهذا لا نعتبره انقساما لكنه تنوع وهذا كله غنى. بالحقيقة نبدو غير منتمين الى كنيسة واحدة، لكننا ننتمي الى يسوع الواحد، والى كنائس هي في الحقيقة تعبد نفس الإله يسوع المسيح، لا نعبد الها آخر”.
وتابع: “على المؤمنين ان تكون لديهم نظرة ايجابية عن هذا الموضوع، وان يساعدوننا باتجاه الوحدة. هناك بعض المجموعات موجودة في قلب الكثير من الكنائس، قد تتطرف احيانا، تتطرف وتتمسك باسم كنسيتها او بطقوسها بطريقة لا توافق الإيمان المسيحي. هذه المجموعات المتطرفة قد لا تكون مسيحية مئة في المئة، لأن يسوع لم يعلمنا التطرف والتعصب، بل التزام الإيمان والانتماء الى كنيستنا، الى الرعايا. هذا واجب وحق، ولكن التطرف غير مقبول، لذلك نقول لهذه المجموعات ان صغرت او كبرت، ان هذه ليست الوحدة وليست ارادة الرب”.
وعن عنوان اسبوع الصلاة من اجل وحدة الكنيسة “أقم لك قضاة… فيحكمون فيما بين الشعب حكما عادلا”، قال: “العدل بحسب تعاليم الكنيسة، يدعونا لأن نكون عادلين، والعدالة هي على اشكال حسب مفهوم الكنيسة. هناك عدالة تجاه الله، عدالة تجاه البشر، عدالة تجاه الذات وعدالة تجاه الطبيعة. تجاه الله، العدالة تعني ان نعبد الله وأن نشكره على عطاياه ونقدم له واجب العبادة والتسبيح، والإعتراف بكل ما يصنعه من صلاح تجاهنا، ونسعى لأن نكون معه. العدالة تجاه اخوتنا البشر هي الا نكون ظالمين مع بعضنا البعض ولا نتعدى على حقوق بعضنا البعض تحت اي عنوان، واليوم نرى كيف اصبح العالم لأنه ليس هناك عدل تجاه بعضنا البعض، لأن الجشع والطمع والكره كلها ملأت قلوب الناس، وهذا ليس من الله ولكن من روح العالم، من روح ابليس، وهذا لم يعلمنا اياه يسوع، لذلك نحن مدعوون لنعيش العدالة، وان كانت هذه العدالة في هذا العالم نسبية جدا. واذا كنا نرى اليوم هذا الخراب في الطبيعة، ونسبة التلوث المرتفعة، والكثير من الأماكن تعاني الفيضانات والزلازل، فهذا كله نتيجة عبث الإنسان وعدم عدالته مع الطبيعة التي وجدت لتخدم الإنسان، والله وضع الإنسان سيدا عليها وحارسا لها، لكن الإنسان يسيء الى هذه الطبيعة والطبيعة ترد على الإنسان الإساءة بالمثل. هناك قوانين اذا لم نحترمها تدافع عن نفسها وهذا ما يحصل في العالم اليوم، وندفع الثمن كبشر، لأن عدالتنا ناقصة تجاه الطبيعة التي خلقها الرب لنستمتع بها”.
أضاف: “العدالة تجاه الذات تعني ان نعطي ذاتنا حقها وخاصة نفوسنا. وكما نعتني بالجسد من ناحية الأكل والشرب والنظافة والثقافة، علينا ايضاً ان نعطي نفسنا حقها، كونها نفحة من الله، حقها بالعبادة وأن تكون دائما على علاقة مع الله عبر فضيلة العبادة والصلاة والصوم وتناول الإفخارستيا وسائر ممارسات العبادة”.
وختم سفر: “في هذا اليوم اضم صلاتي الى صلاة اخوتي الأساقفة وصلاة الحضور وكل من يصلي هذا الأسبوع من اجل الكنيسةوثباتها واستقرارها وعملها وبشارتها، من اجل كل ما تقوم به من اعمال صالحة، ونصلي ان تكون كل الكنائس موحدة وان يبعد الرب خطر الانشقاقات التي نخلقها بسبب مطامعنا وحب السلطة والذات. الصلاة الدائمة للكنيسة ولوحدتها ولأجل رعايانا وابرشياتنا وبلداتنا ووطننا. ان شاءالله يستجيب لصلواتنا ويعطينا اياما سلامية ويحفظ هذا الشرق ويحفظ لبنان من كل التجارب ويعطي الجميع اياما مباركة”.
وطنية