توجه البابا فرنسيس هذا الأربعاء إلى بولندا لمناسبة اليوم العالمي الـ31 للشباب. الطائرة البابوية حطت على أرض مطار “يوحنا بولس الثاني” الدولي في باليس كراكوفيا عند الساعة الرابعة من بعد الظهر بالتوقيت المحلي حيث جرت مراسم الاستقبال الرسمي بحضور ممثلين عن السلطات المدنية والدينية. بعدها توجه البابا إلى المجمع المعروف باسم “فافل” حيث يوجد القصر الملكي الذي كان مقرا لملوك بولندا لخمسة قرون لغاية انتقال العاصمة البولندية من كراكوفيا إلى وارصو. وكان في استقبال البابا الرئيس البولندي وعقيلته في باحة القصر حيث التقى ممثلين عن السلطات والمجتمع المدني وأعضاء السلك الدبلوماسي.
ألقى البابا فرنسيس خطابا استهله مشيرا إلى أنه يزور للمرة الأولى أوروبا الوسطى والشرقية وقد شاء أن يبدأ من بولندا التي أعطت للعالم البابا يوحنا بولس الثاني صاحب فكرة الأيام العالمية للشباب. وذكّر بأن هذا البابا الراحل كان يشدد على ضرورة أن تتنفس أوروبا برئتيها الغربية والشرقية. ولفت البابا فرنسيس بعدها إلى أن ضمير الهوية أمر أساسي من أجل تنظيم جماعة قومية ترتكز إلى أساس التراث الإنساني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والديني مذكرا بأن البولنديين احتفلوا للتو بالذكرى الخمسين بعد الألف لعماد الأمة البولندية.
واعتبر البابا فرنسيس أن الحوار لا يتم إن لم ينطلق كل طرف من هويته الخاصة مع أن لكل فرد وكل جماعة ذاكرة إيجابية وأخرى سلبية مؤكدا أنه إذا نظرنا إلى تاريخ بولندا المعاصر يتبين لنا أن الذاكرة الطيبة تغلّبت على تلك السيئة خصوصا إذا أُخذت في عين الاعتبار مسيرة المصالحة والغفران التي اجتازها الشعب البولندي بعد الحرب العالمية الثانية. وقال البابا إن هذا الأمر يتطلب رجاء صلبا وثقة راسخة بمن يقود مصائر الشعوب ويفتح الأبواب المغلقة ويحوّل الصعوبات إلى فرص مؤكدا أن المسيرة التي يتم اجتيازها والفرح الناجم عن الأهداف المنجزة يعطيان القوة والطمأنينة اللازمتين من أجل مواجهة تحديات زماننا المعاصر.
ولم يخلُ خطاب البابا إلى السلطات البولندية والمجتمع المدني من الإشارة إلى ظاهرة الهجرة لافتا إلى أن التعامل مع هذه الظاهرة يتطلب حكمة ورحمة من أجل تخطي المخاوف وتحقيق الخير العام. من هذا المنطلق لا بد من تحديد أسباب الهجرة من بولندا وتسهيل عودة الراغبين في الرجوع إلى أرض الوطن، كما لا بد والحالة هذه أن توفّر الضيافة للأشخاص الفارين من الحروب والمجاعات، فضلا عن التضامن حيال المحرومين من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في الحرية الدينية.
وشدد البابا في هذا السياق أيضا على ضرورة تعزيز وتحفيز التعاون والتآزر على المستوى الدولي من أجل التوصل إلى حلول للصراعات والحروب التي تدفع بالعديد من الأشخاص إلى النزوح عن ديارهم وأوطانهم. ولا بد من بذل كل جهد ممكن من أجل التخفيف من معاناتهم والعمل في سبيل العدالة والسلام والشهادة العملية للقيم الإنسانية والمسيحية.
هذا ثم حث البابا فرنسيس الأمة البولندية وفي ضوء تاريخها الألفي على النظر برجاء إلى المستقبل وإلى المشاكل التي تواجهها معتبرا أن هذا الموقف يسهل بناء جو من الاحترام بين مكونات المجتمع كافة والحوار البنّاء بين مختلف الأطراف كما يخلق الشروط الفضلى للنمو المدني والاقتصادي وحتى الديمغرافي. وتطرق البابا بعدها إلى حق البنين في التمتع بجمال الخليقة وبالخير والرجاء، وفي هذا السياق تكتسب فعالية أكبر السياسات الاجتماعية لصالح العائلة، الخلية الأولى والأساسية للمجتمع. بعدها شدد البابا فرنسيس على ضرورة الدفاع عن الحياة البشرية منذ اللحظة الأولى لتكوينها وحتى موتها الطبيعي، كما أن واجب الدولة والكنيسة يقتضي مرافقة ومساعدة من يواجهون أوضاعا صعبة كي لا يشعروا بأن إنجاب البنين يشكل كاهلا بل هبة.
في ختام خطابه توجه البابا فرنسيس إلى الرئيس البولندي مؤكدا له أن بلاده قادرة على الاتكال على تعاون الكنيسة الكاثوليكية كيما تتمكن ـ وفي ضوء المبادئ المسيحية التي أوحت وصقلت التاريخ البولندي ـ من متابعة مسيرتها والبقاء أمينة لتقاليدها الفضلى ومفعمة بالثقة والرجاء حتى في الأوقات العصيبة. هذا ثم تمنى البابا أن ينجح رئيس البلاد وجميع الحاضرين في خدمة الخير العام سائلا سيدة شيستوكوفا أن تبارك وتحمي بولندا.
إذاعة الفاتيكان
الرئيسية | أخبار الكنيسة | زيارة البابا فرنسيس لبولندا: خطاب البابا إلى السلطات والمجتمع المدني والسلك الدبلوماسي
الوسوم :زيارة البابا فرنسيس لبولندا: خطاب البابا إلى السلطات والمجتمع المدني والسلك الدبلوماسي