“يا عدرا”، فعلها حسين وميشال ومحمد. انتشلونا من دوامة أخبار تقوّض الايمان بلبنان وطناً للجميع، وفتحوا أعيننا على أن لبنان، كان وسيبقى واحة التعدد وحرية المعتقد في شرق يتصحر. وأنه في مقابل كل لبناني يخرج عن عقد “الشركة والشركة” الوطنية، هناك 3 على الاقلّ، أمثال حسين حسن، ومحمد الصلح وميشال غصين، وهم بعلبكيو النسب لبنانيو الهوية، سيستنهضون الاكثرية الصامتة على عربدة اقلّية.
قالوا قبل 5 أشهر إن لديهم مشروعاً بإقامة “ساحة السيدة مريم” في مدينتهم بعلبك. وها هي الساحة تكتمل، برفع تمثال لمريم العذراء، قبل يومين من عيد ميلادها. و”يا عدرا” ما اجملها ساحة! الهمّة همّة بعلبكية، ولم يبخل البعلبكيون من مختلف شرائح المجتمع، افراداً وبلدية، بمالهم ولا بأفكارهم، ولا سواعدهم ولا مشاعرهم. فهبّ زحليون، بقاعيون، لبنانيون، في الوطن والمهجر، على تعدديتهم السياسية والطائفية، و”حملوا شقلة”، كالأرض العطشى لمبادرة تعبرّ عن حقيقتهم. تدفق الدعم وتقاطرت التبرعات، كالمياه التي تتدفق فوق الحجر العرسالي، الذي رصفت به الدوائر السبع، “رمز كمال السيدة”، التي يرتفع فوقها تمثالها، فتروي الزرع والورود. ووحدها النفل، وردة “الحب، والايمان، الحظ والامل”، لن تذوي، فهي منحوتة في السور الحديد الذي يزين النصب. لتكتمل الساحة التي تتوسط شارع القديس جاورجيوس، باستعادة مزار الخضرــــ مار جرجس بهاءه بعد ترميمه.
قبل أيام احتفلنا بعيد “حرج” السيدة، وغدا (الجمعة) الخامسة بعد الظهر، الكل مدعو من “الجمعية اللبنانية للتعايش والانماء”، التي أنشأها الفرسان البعلبكيون الثلاثة مع آخرين، الى الحج الى بعلبك لتدشين الساحة. في ظل حماية، من قالت فيها الملائكة “يا مريم، إن الله طهرّك واصطفاك على نساء العالمين”، ومن تهنئها جميع الاجيال، لأن الله صنع لها اموراً عظيمة، سيكون جمع لبناني للتعايش والانماء، يطعن التنين الذي يلتهم شرقنا تفرقة واضطهاداً، باسم الله والطائفة. فالخير كما الشر انما يقبع في قارىء سورة عمران وانجيل لوقا، قطعاً ليس في الدين، بل عند اهل الدنيا.
النهار