بالنسبة إلى العديد من الأشخاص، تغيّر مجتمع اليوم، بحيث أننا انتقلنا من الزواج التقليدي إلى أشكال متعدّدة من الزواج المدني، ومن الدفاع عن الحياة إلى الإجهاض، ومن حرية التعبير إلى الرقابة العلنيّة. نحن نعرف أنّ الإنسان يتغيّر باستمرار، لكن أيُعقل أن نكون قد تحوّلنا إلى مجتمع غير مبال خلال سنوات قليلة؟
كمسيحيين، نقول إنّه ما زال لدينا وقت. وإن أخذنا بعين الاعتبار الشرور السبعة التي تتآكل مجتمعاتنا، نجد أنّه ما زال بإمكاننا أن نزرع الحبّ. لكن ما هي تلك الشرور بحسب ما أوردها إدغار هنريكيز كاراسكو في مقال له نشره موقع catholic-link.org الإلكتروني؟ سنستعرضها معاً ضمن مقالين متلاحقين، محاولين أن نجد المفتاح لـ”شفائها” ضمن آيات من كتاباتنا.
التضامن البخيل
إن طلب منّا أحد في الشارع مالاً، نبادر إلى إعطائه إيّاه. وإن طلبت عجوز مساعدة لتجتاز الطريق نساعدها. لكن لو حصل ذلك “في الخفاء” بعيداً عن أعين الناس… هل كنّا لنفعله بالإرادة نفسها؟
بالنسبة إلى العطاء، نحن نعطي بدون أن نهتمّ لمن قد طلبه، ونقرض المال بدون أن نرى ما هو أبعد من عملنا. من هنا، تبقى أفعالنا عالقة في اللحظة الحاضرة. لذا نقول إنّ المجتمع يعاني من التضامن البخيل أو البخليّ، لأننا نعطي لكن ليس كما يجب. ألم يقل لنا بولس الرسول في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس “هذا وإنّ من يزرع بالشحّ فبالشحّ أيضاً يحصد، ومن يزرع بالبركات فبالبركات أيضاً يحصد. كلّ واحد كما ينوي بقلبه، ليس عن حزن أو اضطرار. لأنّ المعطي المسرور يحبّه الله، والله قادر أن يزيدكم كل نعمة، لكي تكونوا ولكم كل اكتفاء كل حين في كل شيء، تزدادون في كل عمل صالح”؟
الفرديّة الاجتماعيّة
نحن مخلوقات اجتماعية. وحتّى لو تمنّينا ألّا يصحّ ذلك، نحتاج إلى الآخرين للبقاء على قيد الحياة. فلنفكّر معاً في شعبيّة “شبكات التواصل الاجتماعي” التي تجذبنا. إنّ هذه “الاجتماعيّات” تتطلّب تصرّفات معيّنة منّا كأفراد ضمن مجتمع. لكن إلى أيّ مدى نبالي بأفراد المجتمع الآخرين؟؟
ليس علينا إلّا النظر إلى العلاقات التي تربط الجيران أو طلّاب المدارس لنعرف أنّنا نبتعد عن بعضنا البعض أكثر فأكثر. نحن نعيش في حالة فرديّة مُقنّعة. كلّ شخص مهتمّ بهاتفه أو بشاشته، على الرغم من أنّ رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس تذكّرنا بأنّه “إِن كان أحدٌ لا يعتني بخاصَّتهِ، ولا سيّما أهل بيتهِ، فقد أَنكر الإِيمان، وهو شرٌّ من غير المؤمن”.
العمق السطحي
في أيّامنا هذه، إنّ الدفاع عن حقوق الإنسان والنضال لأجل قضايا سياسيّة أو اجتماعيّة هو الأقوى. وكما يبدو، تمّ رفع علم الحرّية. لكن إن فكّرنا في الأمر مليّاً، هل كنّا لنخاطر في كلّ شيء للدفاع عن قضيّة عامّة، أو أنّنا كنّا لنبحث عمّا يريحنا؟
نظنّ أنّ هذه الحاجة الملحّة للدفاع عن “حقوقنا” تجعلنا نحبّ البشر أكثر. لكن مجدداً، لا نرى أنّ الأغلبيّة لا تهتمّ إلّا لمصالحها الشخصيّة. نحن نريد اللجوء إلى شيء أعمق كحقّ اتّخاذ القرار مثلاً، لكنّ هذا يجعل المسافات أكبر ويجعلنا نسقط في سطحيّة ذات شكل متصاعد. إنّ عمق البشر لا يوجد إلّا في الله، فهو الذي يملأ قلوبنا. من هنا، إنّ البحث عن أيّ عمق خارج الله يوصلنا إلى التعثّر بأشياء كاليوغا مثلاً.
فلنحافظ على بنوّتنا لله. إنّ قلبنا يبحث عنه، وسيجد فيه وحده كماله. “طلبت إلى الرب فاستجاب لي، ومن كل مخاوفي أنقذني” (مز 34 : 4).
زينيت