كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
من خلال الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيسٍ للجمهورية لا يبدو أنّ المعارضة تحقق تلاحماً حول ترشيح النائب ميشال معوض، ويبدو أنّ الأصوات التي كان يحصل عليها قد بدأت بالتراجع بطريقةٍ أو بأخرى. ويبدو أنّ النائب معوض بدأ يدرك صعوبة توحّد المعارضة حول اسمه ولذلك أعلن أنّه سيكون مؤيداً لأي مرشحٍ تجمع عليه المعارضة تحت عنوان سيادي وإصلاحي وسيقود معركته كما قال.
إنّ توحّد المعارضة حول مرشح إن كان معوض أو غيره أمر لا مفرّ منه، لأنّه الوسيلة الوحيدة لمواجهة إصرار “حزب الله” على فرض مرشحه لرئاسة الجمهورية، ومن إحدى الركائز التي يتكّل عليها “الحزب” في عملية الفرض هي تشتت صفوف المعارضين واندلاع الخلافات في ما بينهم وعدم الاتفاق على عناوين للمواجهة. إذ إنّ البعض من المعارضين يعتقد وربما عن حسن نيّة، أنّ هناك إمكانيةً للتفاهم مع محور “حزب الله”، وهي في الحقيقة والواقع إمكانية ليست متوفّرةً أبداً ولن تتوفر لأنّ لا خيارات لدى “الحزب” وحلفائه سوى إيصال مرشح تحدٍ من قبلهم.
إنّ الوسيلة الوحيدة التي تجعل “الحزب” يتراجع عن هذا الخيار الوحيد، هي أن يحظى مرشح المعارضة بـ65 صوتاً، عندها تصبح الدعوة إلى التوافق دعوة جديةً تتيح إيصال رئيسٍ للجمهورية يختلف عن الرئيس السابق ميشال عون ولو في مقاربة الأمور وطرحها، رئيس يتجرأ مثلاً على طرح ما يسمى بالاستراتيجية الدفاعية، فيعلن أنّ هذه الاستراتيجية هي في غاية البساطة وتنص على أن يكون الجيش هو المسؤول الأول والأخير في الدفاع عن لبنان بوجه أي عدو واعتداء، وأن كل من يرغب مشاركة الجيش في صد اي عدوان عليه أن يعمل بإمرة الجيش وبموجب قراره، وفي هذا الكلام ليس هناك أي “طعن في ظهر المقاومة” إلّا إذا كان في البلد من يشكك بولاء المؤسسة العسكرية لشعبها ووطنها.
إنّ المطلوب من المعارضة في هذه المرحلة توافق سريع على مرشّح لأنّ في إطالة الوقت استنزاف لقرارها والمزيد من التشتت في صفوفها، ويجب على كلّ فرقاء المعارضة أن يخطو كل واحدٍ منهم خطوة نحو الآخر فالقواسم المشتركة كثيرة وأولها بناء الدولة والمؤسسات، ولن يتحقق هذا الأمر برئيسٍ مغلوبٍ على أمره وقراره مصادر ويخشى على مصالحه ومصالح حاشيته.
إنّ المعارضة ليست رفعاً للصوت فقط، بل هي ممارسة نابعة من المصلحة الوطنية والشعبية، تضع الهدف نصب عينيها وتتوحد على مسار تحقيقه ولو تنازل أطرافها في سبيل الخلاص، فهو تنازل في المكان الصحيح وهو أفضل بألف مرةٍ من تسويةٍ في مكانٍ وظرفٍ خاطئٍ تستمر في أخذنا إلى جهنم وربما أبعد.