ترأس راعي أبرشية قبرص المارونية المطران يوسف سويف، ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداسا احتفاليا في كنيسة دير مار الياس كوتشاتيس- قبرص، رقى خلاله الأب يوسف يوانيدس ميخاليدس لاكوتريبس الراهب اللبناني الماروني الى الدرجة الأباتية الشرفية، بعدما كان الراعي قد منحه هذه الرتبة في 30 أيلول 2014 بناء على طلب راعي الأبرشية وموافقة قدس الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي طنوس نعمه، “تقديرا لرسالته في الكنيسة ولمساهمته الفاعلة في إتمام تشييد دير مار الياس في كوتشاتيس وقيامه بترجمة النصوص الليتورجية المارونية الى اللغة اليونانية وغيرها من المهمات الكنسية”، عاونه فيه أمين السر العام للرهبانية الاب كلود ندره ورئيس دير مار الياس الاب اسعد لحود، بمشاركة الاباتي طنوس نعمة والمدبر العام الاب نعمة الله الهاشم والوكيل العام الاب جوزيف قمر ولفيف من الكهنة.
حضرت القداس السيدة الأولى التي نقلت تحيات رئيس جمهورية قبرص، كما حضر الوزير جورج لاكوتريبس، النائب الماروني انطونيس حاجي روسوس، بالاضافة الى سفراء ورؤساء بلديات ومخاتير ومؤمنين من أبناء الأبرشية.
استهل الاحتفال بكلمة بكلمة لنعمة شكر فيها الراعي وسويف “على هذه البادرة”، منوها ب”مزايا الأب يوسف وإنجازاته على الاصعدة الليتورجية واللاهوتية والموسيقية والعمرانية”.
وبعد الانجيل القى سويف عظة قال فيها: “نجتمع في هذه المناسبة للاحتفال برتبة الدرجة الأباتية تكريما للأب يوسف يوانيدس ميخاليدس لاكوتريبس وتقديرا له، ونضع نصب أعيننا رئيس كهنة اعترافنا يسوع المسيح مركز وغاية الحياة الكهنوتية والرهبانية. فمن خلال النذور المقدسة يقتفي كل مكرس درب يسوع المسيح، يسوع الحاضر في العالم وشافيه، يسوع المنسحب الى القفر والمصلي في البستان، يسوع المتوجه الى الموت على الصليب باذلال ذاته من أجل العالم وقائما من الموت منتصرا يمنح الإنسان الحياة الجديدة. الحياة الرهبانية هي تشبه بحياة يسوع الذي عاش للفقراء فأغناهم برحمته، هكذا الكنيسة في العالم مدعوة لتعيش تعليم المسيح ولتكون كما يقول لنا البابا فرنسيس “كنيسة فقيرة للفقراء” كنيسة تقسم خبز المحبة والأخوة مع العطاش والجياع ومع المتألمين والمهمشين، إنه الخبز- القربان الذي نتقاسمه في الإفخارستيا ذبيحة شكر ورحمة وسلام”.
أضاف: “في زمن نواجه فيه تحديات شتى وفي زمن تتخبط فيه منطقتنا بالصراعات الثقافية والمذهبية والعودة الى التطرف، تأتي الحياة في المسيح لتكون استجابة لنداء الآب، لعيش التسامح والاستسلام لإرادة الله ولتجسيد معنى الأخوة بين البشر؛ وفي زمن يميل فيه الإنسان لعبادة المال ويجنح بأنانيته وراء التسلط، تأتي الحياة في المسيح لتحول منطق الأرض الى منطق السماء وحالة العبودية الى حرية أبناء الله. ففي الزمن الملوث يقول لنا الرب “طوبى لأنقياء القلوب لأنهم يعاينون الله” (متى 5/8) وفي زمن لا يصغي فيه الإنسان إلا الى صوته، تعالوا نصرخ مع صموئيل: “تكلم يا رب فإن عبدك يسمع” (1صم 3/9) وفي زمن قسي فيه قلب الإنسان تأتي رغبة الرب لتؤكد لنا “أريد رحمة لا ذبيحة” (هوشع 6/6). إنه نهج المسيح الذي “أطاع حتى الموت، والموت على الصليب” (فيل 2/8)، إنها حقيقة القيامة التي دعينا نحن المعمدين، نحن المكرسين أن نشهد لها بفخر وفرح”.
وتابع: “لا بد لنا في هذا الإحتفال أن نستحضر تاريخ الرهبانية اللبنانية المارونية في قبرص، وهي رمز خدمتها الأولى خارج الأرض الأم. يرتبط هذا الحضور عضويا بلبنان، إنه حضور خادم للكنيسة المارونية في هذه الجزيرة، حضور رافق ويرافق شعبنا لا سيما في ظروف الضيق والألم، حضور يعبر عن أصالة كنيستنا المارونية وروحانية التضامن والمشاركة. في هذا الإطار الروحي، نحتفل برتبة الأباتية وهي تنبثق من أروع كلمة في لاهوتنا المسيحي أعني بها “أبا أيها الآب”، فرجل الله مدعو أن يعكس حب الآب وحنانه ويكون أب الرحمة في قلب المجتمع الإنساني الذي يمكن له أن يتجدد ويتأنسن باستمرار إذا التقى بوجه الآب عبر وجوه قديسيه”. فيا عزيزي الأب يوسف، يدعوك الرب اليوم عبر الكنيسة أن تحمل هذا اللقب وتعيش روحانيته. وبحسب ما تشير الرتبة أنت مدعو “لتخدم الأسرار المقدسة وتكون المدبر الصالح، والقيم الروحي، والخادم المفعم نقاوة، فتعلم أبناء الكنيسة كل فضيلة”. ونحن كجماعة مؤمنة نحيطك اليوم بمحبتنا نطلب من الرب “أن يجعلك ثابتا بحبه متزينا بالرجاء به. لتكن رئيسا نقيا، ومملوءا برا وقداسة، تتباهى بالحلة المباركة، وتتلألأ نقاوة وغيرة في عمل الخير، وتكون حريصا على الوزنة الإنجيلية”. فمعك نشكر الرب على كل المواهب والعطايا التي زينك بها وعلى الخدمة التي بها سعيت أن تخدم كنيسته في حياة رهبانية وفي خدمة كهنوتية ورعوية وأكاديمية، فحصلت الشهادات الفلسفية واللاهوتية في لبنان وشهادة الدراسات المعمقة في الموسيقى المقدسة من جامعة السوربون باريس، وشهادة في تأليف الموسيقى المعاصرة، فألفت الموسيقى المارونية الحديثة من صلب التقليد الماروني السرياني المقدس. وفي الرهبانية تحملت مسؤوليات عدة وأهمها عمادة كلية العلوم الموسيقية في جامعة الروح القدس الكسليك، ورئاسة دير مار الياس في قبرص متابعا لأعمال بناء هذا الدير في كوتشاتيس مع الأمل الكبير بالعودة الى الدير الأم كما الى قرانا المارونية الحبيبة، وفي أبرشيتنا في قبرص خدمت الرعايا لا سيما رعية كوتشاتيس وأسست مركز التعليم المسيحي للأطفال والشبيبة وقد سبق لنا أيضا وكلفناك بمهمة راعوية العائلة وإدارة مركز الإعداد للزواج، وترجمت ألحان القداس المارونية الى اليونانية مع الحفاظ على اللحن السرياني التقليدي وبصفتك عضو في اللجنة الموسيقية التابعة للجنة البطريركية للشؤون الطقسية التي نرأسها، ما زلت تساهم بشكل مباشر في وضع موسيقى ملائمة لمزامير الفرض الماروني. لقد تميزت بالدقة وحسن التنظيم ونحن على ثقة أنك ستواصل مسيرة العطاء بأمانة وتفان وفرح”.
وختم: “تعالوا نصلي من أجل الأباتي الجديد يوسف ليمنحه الرب القوة ليتابع رسالته الكهنوتية واضعا نصب أعينه يسوع الراعي الصالح وعلى غراره يبذل نفسه في سبيل الخراف. لأجله نضرع الى الله بشفاعة العذراء مريم أم النور والقديس يوسف أب العائلة والنبي إيليا الغيور والقديسة مارينا كما هاتفين بفرح “إنه لمستحق ومستاهل”. ليثبتنا الرب في حبه الإلهي ويجعلنا جميعا أمناء لإنجيله له المجد الى الأبد”.
واختتم الإحتفال بكلمة للأب يوسف شكر فيها الجميع على حضورهم وصلاتهم من أجله.
وطنية