“كلنا شارلي إيبدو”. “النهار” خصوصاً. ودائماً.
منذ البارحة، الآن خصوصاً وأيضاً، في هذه الصبيحة القاسية، لا أرى أمامي إلاً سمير قصير وجبران تويني مضرّجَين.
الرجلان العنيدان الشريفان اللذان قتلهما حبر الصحافة الحرّة، في 2005، من أعمال بيروت ولبنان، بل قتلتهما الجريمة التي لا تزال تُرتَكَب في الوضح اللبناني – السوري – العربي الاستبدادي الشرّير، ألم يكونا هما أيضاً، مرةً ثانية، في عداد الشهداء الذين حصدتهم المقتلة الباريسية؟
فليعرف الجميع أن المقتلة التي حصلت في الجريدة الفرنسية، ليست سوى مرآة ارتدادية متأخرة لما حصل عندنا، ولا يزال يحصل كل يوم، وتحت ألف قناع ووجه.
نحن في حداد طبعاً. لكننا في الغضب.
الغضب الذي لا ينجم عن انفعال، ولا يفضي إلى غرائز؛ بل ذاك الذي يتصاعد كبخورٍ ثوريٍّ من الباطن، ليشمل الكلمات بمواهبه التي تمنحها القوة على الوقوف في وجه الليل، وعلى تحبير الصفحات بالتمرد، والعنفوان، والرؤية البصيرة، والكرامة، وبمعرفة الجوهر، وبعدم الانغماس في المستنقعات النتنة.
كلنا “فرنسيون” الآن. بالمعنى الواحد الوحيد الذي يضعنا في موقع الشعور بأننا كنا هناك في المقتلة الباريسية، وبأننا كنا هنا، في مقتلة سمير وجبران، وبأننا سنظلّ.
هكذا يتخذ التضامن الكلي، وبلا حدود، تفسيره الأبهى بأن حرية التعبير لا تنقسم، ولا تتجزأ. لا في الزمان. ولا في المكان. ولا في المعنى. ولا في الدلالة.
هنا وهناك، اليوم وأمس، وأياً تكن يد المرتكب (القاتل واحد بوجوه وأقنعة متعددة)، هل من فرق – سوى التوقيت – بين “شارلي إيبدو” اليوم و”النهار” أمس!؟
النهار