أطلّت ريما مكتبي عبر “العربية” بثوب أبيض يشبه بدايات مشرقة. بدت العودة مناسبة للحديث عن رحلة شقاء ميّزت الإعلامية المجتهدة والإنسانة الصافية. ليس الحظ والمصادفات ما يصنعان أسماء تغيب وتبقى في ذروة حضورها، بل الكدّ والمهنية ونُبل القلب.
تصف العودة بـ”البداية الحلوة”، وتقول لـ”النهار” إنّ الخروج بأقلّ ضرر من جراحة خطرة يجعل كلّ يوم بمثابة ولادة جديدة. “تختلف الحياة حين تُصاب صحة المرء بنكبة. ورمٌ دماغي أثّر في أوتاري الصوتية ويدي وكتفي اليمنى. مررتُ بلحظات وجع قاسية، وعوض أن أيأس تمسّكتُ بالرجاء وأيقنتُ بأنّ المرء إن أراد فستعود اليه قدراته المتفوّقة والعزيمة والنشاط مضاعفة”.
مكتبي قوية بإرادتها قبل جسدها وصفائها قبل أوتار صوتها. تُخبرنا أنّه راودها إمكان عدم العودة إلى الشاشة، والطبيب هيّأها نفسياً لاحتمال العجز عن الكلام بصوت كامل وابتلاع الطعام. “المرض علّمني الكثير، أولاً أن أستحقّ عيشي. عدتُ إلى مكاتب “العربية” في أيلول، والإدارة ارتأت أنّ أطل في كانون الثاني. بالنسبة إليّ، أعمل بمهنية وشغف وأترك نفسي ومصيري أمام الله”. نسألها: في مقابل الأخيار ثمة أشرار، أين أنتِ من الخيانة والخيبة والخديعة؟ تجيب بتنهيدة: “بعض الناس لا يرجو خيراً لأحد، يشمت بالمرض. هؤلاء لا يعنون لي شيئاً. ينبغي ألا أفكّر بهم مطلقاً. لا أخفي أنهم يتركون في النفس أثراً سلبياً، لكنني أسارع إلى ضبطه والتحكّم به. كلما صُدِمتُ بأحد تذكرتُ شيئاً واحداً: الفرصة الثانية”.
على سِيرة الفرص، تعترف مكتبي: “لم تكن طريقي سهلة. ثمة مَن رفض إعطائي فرصة وسدّ الأبواب في وجهي. كثر عرقلوا دربي، أخّروني لكنهم لم يجعلوني أتوقّف. تختلف الوجوه والجنسيات والبلدان والأسماء، وهم لا يختلفون. موجودون من حولك، لكنني ما عدتُ أراهم. تجربة المرض معذّبة، كبّرتني، جعلتني على درجات من النضج والزهد. السعادة فلسفةُ نظر إلى الحياة وقراءتها. وأنا سعيدة”. (المقابلة كاملة عبر موقع “النهار”).
النهار