وجّه زاڤين قيومجيان التحية لرجل اختار العيش بصمت والرحيل بصمت. 73 عاماً لم تكفِ فؤاد عواد لتحقيق أحلامه، فأنجز الكثير وشاء إنجاز المزيد. ولداه في استوديو “بلا طول سيرة” (“المستقبل”) يتحدّثان عن أبٍ رَمَق المرض بإيجابية وعاش حتى آخر نَفَس.
زاڤين يُصغي، الابنة نادين على جهة منه والابن إيلي على جهة أخرى. يُصغي ويتذكّر، هو الشاهد على مرحلة تلفزيونية كان فيها فارس ابن أم فارس بطل الضحكة. عرّف مُشاهد اليوم إليه، وذكّر جيل الثمانينات بحضوره على الشاشة، بفارس، بأكلة الأبلمة، بالعود والألحان و”الأيام أكوام أكوام تركتن عبابك (…) يا حبيبي يا وطني”. في الاستوديو، كانت لحظات من فؤاد عواد الرجل والأب والموسيقي والفنان. وفؤاد عواد المُتصالح مع غسيل الكلى، المُتحمّل مرضه، المُدرك الحياة بما يريد منها، وما تريد هي منه.
فقرة ضمن حلقة، وتحية ضمن تحيات يقدّمها زاڤين لأسماء منحت مجالاتها أنواراً وإضافات. سأل الابنة ماذا يبقى من ذكرى الأب؟ ردّت: “الفرح والروح المرحة”، وروت بابتسامة غلبت ألم الرحيل تعلّقه بعمله وشغفه بالشخصية، ورفضه الأحزان. وحين باشر جلسات غسل الكلى، وجد في مصائب الآخرين فوائد: “شاب في السادسة والعشرين يغسل كليتيه، فلمَ التذمّر؟”. كنا أمام جانب آخر من إنسان انصرف عن شهرة التلفزيون لوضع منهاج أكاديمي لتعليم العود. وصفه تلميذه شربل روحانا بالشخصية الموسيقية الكبيرة، وأحبَّ انتظار صفّه للإفادة من أستاذ جمع الجدّ بالمرح. كره رخص التلفزيون، وإن غنّى للحمار و”طق طق طق طق طقطوقة/ أكلة وكان بدّي دوقا (أتذوّقها)”. في عينيّ ابنه إيلي، هو الراسم مخططات الغد والصور الجميلة حتى أيامه الأخيرة. وكانت استعادة لا تنساها الذاكرة التلفزيونية، موسيقى فؤاد عواد التصويرية وغناء الابنة نادين جنيريك المسلسل الظاهرة: “محظوظ كتير/ حظّه كبير يللي بفوت على هالبيت/ بيت من أحلى بيوت راس بيروت”. مسلسل كنّا ضيوفاً في بيته الواسع.
النهار