هي الحرب بكل تجلياتها المرّة، لكن بصيص الأمل الذي أنتجته جهود القيمين على جمعية “فرح العطاء – لبنان”، وأثمرت جمعية “فرح العطاء – العراق”، يبدو واعداً وافر الحظ في كل رهانات بناء مستقبل عراقي أفضل.
المشروع الحديث العهد لا يعود الى أكثر من أربع سنوات، حيث تبلورت أوضاع إنشاء جمعية “فرح العطاء” في العراق، بعد مخيمات تدريب للشباب العراقي على كيفية التعامل مع الأولاد وسبل القيادة في المجتمع. بدأت أفواج المتطوعين بالشباب العشرين الأوائل من الجنسين ومن مختلف مناطق العراق. حمل أولئك مبادئ ثلاثة هي: “محبة، وتسامح، وإحترام”. مبادئ ما زالوا يحملونها معهم من الدورة الأولى. فالشباب العشرون، نواة جمعية “فرح العطاء – العراق” الذين ما زالوا يمرون في المراحل الخمس منذ العام 2011 وحتى العام 2016، سيصبحون مؤهلين للقيام بواجبهم الريادي والقيادي في بناء مجتمع ينهض بالعراق. التركيز على الاولاد هنا، وكما شرح الدكتور ملحم خلف القيم على المشروع، وكما أكد أيضا الشباب في ورشة العمل، هو إنطلاقا من إيمانهم بأن القرار في المستقبل سيكون للأولاد ولأن عامل الوقت قادر على تغير ما أفرزته الحرب من عنف طائفي. إذا فالتركيز على الصغار هو الرهان الأبرز والصحيح بهدف بناء مجتمع متماسك يقوم على مبادئ المحبة والتسامح والأحترام.
العراق تواقٌ للحياة
ورشة العمل، التي إتخذت لها مركزا في دير سيدة النصر في كفيفان، بدأت عملياً في 25 تموز، وإختتم الأحد 3 آب. الشباب المتحمسون جداً يتكلمون بكل جرأة عن مدى سعادتهم وإفتخارهم بالإنتماء الى “فرح العطاء”، وبمدى توقهم الى عراق مختلف عن الذي يظهر في الإعلام حيث القتل والذبح والتهجير. فالعراق، بالنسبة لهم، ظلمه الإعلام عبر تظهيره بأنه مصدر للإرهاب. والواقع هو ما نراه بعيون الشباب المتنوع طائفيا ومناطقيا، وهم غير آبهين بالإختلاف بل مهتمون بنقاط التلاقي. يعملون، وفق آندي توماس وهو شاب عراقي (20 سنة) ينبذ الطائفية، على تقوية أوصال التلاقي المجتمعي في العراق. آندي يعلم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وهو تطوع عمدا ليتحمل تلك المسؤولية. اولاد العراق المحرومون من العلم ومن أبسط حقوق الإنسان في عصرنا هذا، هم هدف آندي ودافعه للعمل على تحسين المجتمع، وهم رهانه أيضا لبناء العراق الأفضل. تتحدث فرقان كاظم، وهي طالبة طب أسنان في السنة الثالثة، عن شعور بالعجز ألغته فرح العطاء عندها، وهي صاحبة المبادرات الخيرية والناشطة الإجتماعية في العراق.
مستقبل العراق بيد أهله
يبدو العراق اليوم تاعساً لا أمل له، لكن همة الشباب هي أمل العراق لاحقاً. فبمثل مبادرات، كمبادرة فرح العطاء، تبنى الأوطان. “فرح العطاء – لبنان” إقترنت أحرفها الأولى بكلمة “فعل”، وهي فعلا من أصحاب الأفعال لا الكلام، بحيث تتحمل الجمعية تكاليف نقل الشباب بين العراق ولبنان على نفقتها الخاصة، وتساعد من دون إنتظار بديل. وقد تبرع بطريرك الكلدان في العراق للجمعية بمركز للمضي قدما بالنشاط الجبار الذي تقوم به.
إيلي لحود / نهار الشباب