لم تعد الأزمة التي تعيشها ليبيا تهدِّد مواطنيها فقط، بل امتدّ الأمر إلى كل من يطأ أراضيها خصوصاً الصحافيين. فبعدما تمكنت المجموعات المسلّحة المنتشرة هنا وهناك من ترويع الصحافيين الليبيين، وقتل المدوّنين، شرعت في احتجاز كل من يمارس مهنة الصحافة ضمن الرقعة الجغرافيّة التي تسيطر عليها.
فبعدما احتجزت مجموعة مسلحة شبه حكومية الصحافي التونسي في قناة «فيرست تي في» الخاصّة سفيان الشورابي، والمصوِّر المرافق له نذير الكتاري قرب مدينة أجدابيا الليبية في 3 أيلول/ سبتمبر الجاري، ثمّ أطلقت سراحهما في السابع من ذات الشهر بعد مفاوضات، عادت لتحتجزهما ثانية، بالرغم من أنّ الشورابي كان قد طلب مهلة مدّتها 24 ساعة لمواصلة عمله داخل التراب الليبي.
وبحسب تقرير نشرته وحدة رصد الانتهاكات ضدّ الصحافيين التابعة لمركز «تونس لحرية الصحافة» كانت «مجموعة شبه حكومية مكلّفة بحماية المنشآت البترولية الليبية قد احتجزت الشورابي والكتاري، في منطقة البريقة شمال ليبيا، لمدّة خمسة أيام». وكان فرج بوصفحة الذي قدّم نفسه لوحدة الرصد كأحد عناصر هذه المجموعة المسلَّحة، قد أوضح أنه «تم التحفّظ على الشورابي ومرافقه للتحقيق معهما حول أسباب تواجدهما على التراب الليبي». وأضاف بوصفحة أنَّه «بعد التحقيق في الموضوع تبين أنّ الإشكال هو عدم حصولهما على إذن رسمي بمزاولة المهنة الصحافية داخل التراب الليبي».
من جهته، قال مدير قناة «فرست تي في» قيس مبروك إنّه حصل على إذن للقيام بمهمّة صحافيّة في ليبيا، لكلّ من الشورابي والكتاري. كما أكّدت وزارة الخارجية التونسية في بيان رسمي أنه: «تمّ الاتصال بالقائم بالأعمال الليبي والقنصل العام الليبي في تونس، وإبلاغهما انشغال السلطات التونسية بعملية الاحتجاز، وطلب إليهما التدخّل للإفراج عن المحتجزين». كما كلفّت الوزارة سفير تونس في طرابلس رضا بوكادي بالقيام بالاتصالات اللازمة في هذا الشأن، وعلى إثر تلك المساعي تمّ إطلاق سراح الصحافي والمصوّر يوم 7 أيلول الحالي». وتابع البيان: «تمّ احتجاز المعنيين مرّة ثانية في اليوم التالي من طرف مجموعة أخرى قرب مدينة أجدابيا، وقد تدخّلت مصالح الوزارة من جديد لدى السفارة والقنصلية العامة الليبية بتونس قصد بذل المساعي مجدّداً لدى الأطراف المعنية في ليبيا من أجل الإفراج عنهما في أقرب الآجال».
أما النقابة الوطنية للصحافيين في تونس، فقد قررت إطلاق حملة لمساندة سفيان الشورابي ونذير الكتاري. ويؤكّد سمير بوعزيز المكلَّف من طرف النقابة بهذا الملّف، أنَّه تمَّ إقرار هذا الأمر بعد 10 أيام من الاحتجاز بعد طلب المفاوضين التريث في الحملة الإعلامية، في انتظار ما سيؤول إليه التفاوض مع الجانب الليبي.
وفي ظل هذه الأزمة التي تعيشها الساحة الإعلامية التونسية، وتضارب المعلومات حول المكان الذي يحتجز فيه الشورابي والكتاري، دعت منظّمة «مراسلون بلا حدود»، و«المعهد العربي لحقوق الإنسان» كلّ المؤسسات الإعلاميّة إلى توفير التدريبات الكافية للعاملين فيها، حول أساليب حماية أنفسهم أثناء تغطية أحداث كالتي تحصل في ليبيا. وبالتزامن مع ذلك، أطلق مدوّنون وناشطون على مواقع التواصل في تونس، حملة للمطالبة بالإفراج عن الصحافي والمصوّر، بعد احتجازهما للمرّة الثانية خلال أقلّ من عشرة أيام.
رجاء يحياوي / السفير