«صحافيون من أجل المواطنة الحاضنة للتنوع وحرية الدين والمعتقد» شكّل عنوان ورشة العمل التي نظّمها معهد المواطنة وإدارة التنوّع والقسم الإعلامي في مؤسسة «أديان» بالشراكة مع «تويتر». 5 أيام من الجلسات المكثفة جمعت صحافيين من لبنان والاردن والعراق، توّجت بحفل تخرّج تمّ الإعلان فيه عن مدونة سلوك تختصّ بالتغطية الإعلامية لقضايا الحرية الدينية توصّل إليها المتدربون.
حيال ما تتخبّط به المنطقة من تنامٍ للتطرّف وللخطاب الطائفي وتهميش لبعض فئات المجتمع، يبرز دور وسائل الاعلام ومسؤولية الصحافيين في مواجهة التطرف والحدّ من الصراعات والمحافظة على التنوع وحماية حقوق الأفراد.
من هذا المنطلق تحرص مؤسسة أديان من خلال معهدها «المواطنة وإدارة التنوّع» على إعداد صحافيين وتزويدهم بالمهارات اللازمة لمقاربة الموضوعات الدينية بمهنية. في هذا السياق، شددت مديرة المعهد الدكتورة نايلا طبارة على «مسؤولية الصحافيين في خلق وعي جماعي وفي بلورة رأي عام يواجه التطرّف والطائفية والزبائنية بالعقلانية».
مدوّنة سلوك
إشكاليات الدين والدولة، الخطاب البديل، دراسة حالات، مهارات الكتابة الصحافية الخاصة بتغطية قضايا دينية… قائمة طويلة من الموضوعات تضمّنها البرنامج التدريبي الذي جمع خبراء ومدرّبين من العراق، الأردن، تونس، مصر، بريطانيا ولبنان.
أبرز ما خلصت إليه ورشة التدريب هي مدوّنة السلوك التي تضمنت أكثر من 15 بنداً، منها: عدم الإنجرار نحو بثّ خطاب الكراهية أثناء تغطية انتهاكات مرتبطة بالإنتماءات الدينية، الاعتماد على المصادر الرسمية الخاصة بالمكونات أو الأقليات الدينية عند معالجة قضاياها وعدم الترويج لآراء المتطرفين في هذه المكونات بحجة الحرية الدينية، رصد الممارسات الإعلامية التي تنتهك حرية المعتقد والدين والقيام بتحقيقات أو تقديم روايات متوازنة تدحضها.
في هذا السياق، أوضح المتدرب محمد العرب، معدّ ومقدم برامج في إذاعة الفجر، أهمية المدوّنة: «هي تشكّل نقطة انطلاق، قواعد سلوك أو خارطة طريق تضمن للصحافيين تعامل مسؤول مع القضايا الدينية وواع حيال ما تتخبّط فيه المنطقة من شحن طائفي ومذهبي». واعتبر في حديث لـ«الجمهورية» أنّ «على الصحافي رفض الترويج للإسقاطات أو الأحكام التي تُفقد التغطية الإعلاميّة موضوعيّتها».
أبعد من المحاضرات
من جهتها، توقفت الصحافية المستقلة وجدان بوعبدالله من تونس عند جملة من المفاهيم التي خرجت بها من ورشة العمل أبرزها، «التخلّي عن مفردة أقلية واستبدالها بكلمة فئة نظراً لما تحمله كلمة أقلية من تمييز وإيحاء بتسلّط أغلبية، عدم التحدث عن فئة دينية معينة من دون العودة إلى ممثلي هذه الفئة من رجال الدين المنتمين إليها، وقد يبدو ذلك بديهياً، لكن لاحظنا في العمل الإعلامي سقطات كبيرة لا سيما حين يتعلق الأمر بالديانة الأيزيدية على سبيل المثال فكل ما نعرفه عنها إعلامياً آت من خارجها».
واعتبرت في حديث خاص لـ«الجمهورية» انّ «السبق الصحفي مهم في العمل الاعلامي ولكنه ليس الاساس، إذ لا بد من مراعاة السلم الاهلي، والسلم الاجتماعي من خلال تبنّي لغة إعلامية رصينة تتوخّى الدقة وتبتعد عن التوصيفات الذاتية، والتجريح والتمييز تجاه بعض الفئات».
أكثر ما تميّز به التدريب، ليس فقط الجلسات التي عكست غنى تبادل الخبرات بين المشاركين، إنما الدينامكية التي تضمنها البرنامج مثل زيارة إلى وسط بيروت للتعرّف الى التنوع الديني والثقافي، بالاضافة إلى جولة خاصة مع النائب غسان مخيبر في البرلمان.
وفي سياق البرنامج التدريبي، نظّمت «أديان» ندوة حوارية بعنوان «دور الإعلام في تعزيز احترام حرية الدين والمعتقد» في نادي الصحافة. في الختام، إنتهت الدورة التدريبية إلّا انّ مسؤولية الصحافيين بدأت في الدفاع عن الحريّة الدينية والتنوع الذي به نبني وحدتنا.
نتالي اقليموس
الجمهورية