«كنت أتمنّى ترحيلهم بدلاً من محاكمتهم (…) الحكم الذي صدر ضدّهم كانت له آثار سلبية». ذلك ما قاله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء لقائه بالإعلاميين المصريين في تمّوز/ يوليو الماضي، ردّاً على سؤال أحد الصحافيين حول موقفه من الحكم القضائي الصادر بحقّ صحافيي «الجزيرة». الحكم الصادر في حزيران/ يونيو الماضي في قضيّة ما بات يُعرَف بـ«خليّة الماريوت»، قضى بمعاقبة 11 متهماً غيابياً، بالسجن المشدّد لعشر سنوات، من بينهم ثلاثة مراسلين للقناة القطريّة. كما قضى بمعاقبة سبعة متهمين حضورياً، بالسجن سبع سنوات، ومنهم مراسلون مصريون وأجانب، وأعضاء في جماعة «الإخوان». اتّهم الصحافيون المحاكمون «بالانضمام إلى جماعة إرهابيّة، ونشر أخبار كاذبة تضرّ بمصالح مصر».
تقول مصادر إعلاميّة في الرئاسة المصريّة لـ«السفير» إنّ السيسي قد يتدخّل لحلّ أزمة صحافيي «الجزيرة»، بعد قرار رسمي أمس الأوّل، يجيز له تسليم المتهمين والمحكوم عليهم من غير المصريين إلى دولهم. القرار الصادر عن السيسي، والمنشور في الصحيفة الرسميّة، يُجيز لرئيس الجمهوريّة المصريّة «الموافقة على تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم من غير المصريين إلى دولهم، وذلك لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة الصادرة بحقّهم، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك، وبناء على عرض يُقدّمه النائب العام وبعد موافقة مجلس الوزراء». وبحسب مراقبين، فإنّ القرار لم يصدر إلا بهدف إنهاء أزمة صحافيي «الجزيرة». وقال المتحدّث باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف للصحافيين المسؤولين عن تغطية شؤون الرئاسة، بأنّ «الهدف من القرار هو الحفاظ على الصورة الدولية لمصر أمام الدول الأجنبية».
يقول الصحافي المصري المتخصّص بتغطية شؤون الرئاسة محمد وديع، إنّ «السيسي لمّح أكثر مرّة إلى رفضه لحبس صحافيين أجانب في السجون المصرية». ويقول وديع لـ«السفير» إنّ السيسي تطرّق إلى ذلك خلال لقائه مع وفد اتحاد الصحافيين العرب أواخر الشهر الماضي، حين أشار إلى أنّ «الحلّ الأمثل لمعاقبة أيّ صحافي يتعدّى على القوانين المصريّة هو ترحيله إلى بلاده، كي لا تظهر مصر بمظهر الدولة التي تحبس صحافيين في سجونها».
أثار الحكم الذي صدر بحقّ صحافيي «الجزيرة» غضباً دولياً كبيراً على مصر، وخرجت بعده عشرات الحملات الرافضة لسجنهم، على رأسها حملة «أن تكون صحافياً ليست جريمة». وقال جون كيري وزير الخارجية الأميركيّة إنّ الأحكام «مخيفة».
وتنفق قطر مبالغ طائلة لتسويق قضية صحافييها المحبوسين في مصر خصوصاً في الغرب. وبيّن تحقيق استقصائي نشره مركز «التحرير لدراسات الشرق الأوسط في واشنطن»، أنجزه الصحافي المصري مهند صبري، أن قناة «الجزيرة» استغلّت ملفّ صحافييها المحبوسين في مصر، لغايات سياسيّة، ولم تتحمّل مسؤولية استصدار التصاريح اللازمة لعملهم، بالرغم من تحذيراتهم المتتالية. وأشار التحقيق إلى أنّ القناة خدعت مراسلها المحبوس محمد فهمي، إذ قامت ببثّ تقاريره المصورة على «قناة مباشر مصر» من دون علمه، بالرغم من أنّ القناة مقفلة في مصر، بحكم من المحكمة. ويوضح التحقيق أن القناة عرّضت سلامة موظفيها للخطر، ولم تغطِّ مصاريف الدفاع القانوني عن فهمي مثلاً، ما دفع بعائلته إلى جمع التبرعات عبر الانترنت لتغطية تكاليف إعادة المحاكمة.
مصطفى فتحي / السفير