يوميًا يذهب الصحافي المصري أحمد فتح الله إلى مقر عمله في موقع «البوابة نيوز» (رئيس تحريره الصحافي المصري المثير للجدل عبد الرحيم علي)، لكن منذ أيام قليلة وقبل أن يصل إلى عمله تلقّى اتصالاً هاتفيًا من الإدارة لإبلاغه بفصله من العمل بلا أي مبرر. ما حدث مع أحمد تكرّر مع أكثر من 100 صحافي وصحافية عملوا لسنوات مع «البوابة نيوز» قبل أن يستغني الموقع عنهم مؤخرًا بحجة تقليل النفقات. لكن أحمد وزملاؤه المصروفون لم يجدوا أي دعم من نقابة الصحافيين المصريين.
يقول الصحافي المصري أحمد فتح الله لـ «السفير» إن غالبيّة المواقع الالكترونيّة المصرية لا تطبّق قوانين العمل. «نعمل بدون عقود أو تأمين ونضطر للموافقة، لأننا لو رفضنا فلن نجد أي عمل، والنقابة لا تضغط على المواقع لضمان حقوق العاملين، فالنقابة لا تعترف بنا، وحين تحدّثت مع أحد أعضاء مجلس نقابة الصحافيين اعتبرني منتحل صفة صحافي، لأنني لست عضوًا في النقابة».
ما يعانيه المصروفون الشباب من موقع «البوابة نيوز» ينسحب على مئات الصحافيين الشباب، فموقع «دوت مصر» فصل أكثر من 85 صحافيًا بعد شراء رجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة له (راجع السفير عدد 22-7-2016). يتجمّع دوريًا عشرات الصحافيين أمام مقرّ النقابة في وسط القاهرة لمطالبتها بالتدخل، لكن النقابة لا تتعامل مع الأمر بجدية بحجة أن الصحافيين الشباب ليسوا أعضاء في النقابة. فقوانين نقابة الصحافيين في مصر تشترط أن يكون المتقدّمون لعضويتها قد عملوا لفترة في مؤسسة تصدر صحفًا مطبوعة حاصلة على ترخيص من المجلس الأعلى للصحافة. لذلك لا يحق للعاملين في المواقع الإلكترونية الحصول على عضوية نقابة الصحافيين، إلا في حال كانت تلك المواقع تصدر عن مؤسسات تصدر صحفًا مطبوعة.
في بداية العام 2015 انطلق وسم «أنا صحفي إلكتروني» على «تويتر» و «فايسبوك» وما يزال فاعلاً حتى الآن. يختصر الوسم هموم مئات الصحافيين المصريين الذين يطالبون النقابة بالاعتراف بهم، وبالحفاظ على حقوقهم وحمايتهم. ردّت النقابة وقتها على الوسم فاعتبره نقيب الصحافيين في وقتها يحيى قلاش أن الحملة مشبوهة ومثيرة للبلبلة.
تقول صحافية مصرية (رفضت ذكر اسمها) لـ «السفير»: «في غضون عامين فقط تنقلت بين أربعة مواقع إلكترونيّة مختلفة، واجهت مشاكل عدة وانتهت علاقتي بهم من دون أن أحصل على مستحقاتي». تشير الصحافيّة إلى أنها عملت في موقعٍ تابع لقناة تلفزيونية لمدة ستة أشهر ولم تحصل على أية مستحقات بحجة الأزمة المالية. «في الحقيقة لم ألجأ إلى النقابة فلا أشعر أنها تعبر عني أو أنها قادرة على حمايتي، لم أسمع عن صحافي لجأ إلى النقابة وحصل على حقوقه».
بعد الجدل المثار حول ضعف موقف النقابة من الأزمات التي يتعرض لها الصحافيون في المواقع، أرسلت النقابة وفدًا يضمّ كلاً من خالد البلشي ومحمود الكومي عضوي مجلس النقابة إلى مقر موقع «دوت مصر»، في محاولة – لم تنجح حتى الآن – لحلّ الأزمة بين إدارة الموقع والمفصولين.
تقول الصحافية مها صلاح الدين التي تعرضت للفصل من دوت مصر لـ «السفير» إن النقابة تحاول مؤخرًا دعمهم على قدر المستطاع، وأنهم كصحافيين معتصمين يقدرون ذلك، لكنّ صلاح الدين تنتظر من النقابة القوة والتأثير والحماية، وأن تعترف بحقهم كصحافيين إلكترونيين في الحصول على عضوية النقابة حتى ولو بدون مميزات أو بدل (تصرف النقابة بدلاً ماليًا للصحافيين كل شهر كبدل تدريب وتكنولوجيا). وتضيف مها المهم أن يكون لدينا مظلة تحمينا من أي ظلم.
يرى الصحافي المصري أحمد أبو القاسم أن إرسال النقابة وفدًا لدعم الزملاء المفصولين من موقع «دوت مصر» إلى النائب العام إلا أن الأمر يبدو «ودياً وشكلياً»، لأن غالبية المفصولين ليسوا أعضاء في النقابة بالتالي حقوقهم مهدورة.
تبقى الإشكالية الأساسية غياب اعتراف مهنيّ بالصحافة الإلكترونية والعاملين فيها، فحتى في القانون المنتظر لإنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لم تحدّد بشكل واضح تبعية الصحافيين الإلكترونيين لأي نقابة في ظل عدم تأسيس نقابة خاصة بهم.
السفير