احتفل الأباتي سمعان أبو عبدو المدبر البطريركي على أبرشية حلب المارونية مع لفيف من الكهنة، بقداس المناولة الأولى لعدد من الأطفال بحضور الأهل والأصحاب والمدعويين في كنيسة دير الراهبات الفرنسيسكانيات مرسلات مريم.
خلال العظة أطلق الاباتي سمعان صرخة سلام باسم الأطفال الذين يعيشون أوقات صعبة من خلال الحرب الدائرة في حلب وفي سوريا وفي العراق (الموصل) وفي لبنان وفي غزّة، إلى كل قادة دول العالم، حيث قال: كفى عنف كفى حروب، أطفالنا هم فلذات أكبادنا، هم عطية من الله، وسأل: كيف نهيىء لهم المستقبل؟
وتابع: يا أصحاب القرار في الدول الكبرى، ما بالكم صامتين عن الحقيقة، عن البراءة؟ هل لديكم أطفالاً؟ كيف تعاملوهم؟ هل هم يعيشون الفرح والسلام في أوطانهم وبيوتهم وعائلاتهم؟
أطفالنا بحاجة إلى عائلة تحتضنهم، إلى منزل يأويهم، إلى وطن هجروا منه بالقوة.
يسوع المسيح دعاهم إليه، وقال لنا: “إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال لا تدخلوا ملكوت السموات” (متى 18: 3)، وهم اليوم، في لقائهم الأول مع يسوع المسيح، المناولة الأولى، يردّدون جميعاً “أنت سلام قلبي”.
باسم الطفولة البريئة التي تتعذّب، نناشدكم أعطونا السلام، دعوا أطفالنا يعيشون طفولتهم من دون تشويه، إفسحوا لهم المجال أن يحلموا.
أطفال بلادي، يعيشون التهجير والتشرد، وأحياناً كثيرة يجعون ويعطشون، لا كهرباء ولا مياه!
أطفال بلادي، هجِّرت البراءة والعفوية من عيونهم وقلوبهم، وحلّ مكانها الخوف والحزن، من جرّاء القصف العشوائي، والتدمير والخراب والقتل اليومي، الذي لا يقبله إنسان.
أطفال بلادي، حيارى، لا فرح على وجوههم، يسألونكم إلى أين المصير؟ إشتاقوا إلى قصص الحب، إلى الهدوء، إلى اللعب مع رفاقهم بعفوية، إلى عيش سنين طفولتهم بعيدأً عن النزاعات والأحقاد والقتل بإسم الدين. فاللجوء للعنف لن يقود ابدا للسلام. فالحربُ تجلب الحربَ، والعنفُ يجلب العنفَ!
أطفال بلادي، تائهون، لا إستقرار في حياتهم، مشتاقون الى الثياب الجديدة والنظيفة، والنزهة والمدرسة، وفرحة العيد، وأطباق الحلوة، ودفىء العائلة.
أطفال بلادي يترجّونكم، أوقفوا الحرب، أوقفوا تجارة الأسلحة المدمرة، أوقفوا التنازع على السلطة، لأنَّ لا سلطة لكم إلاّ إذا أعطيت من فوق. أوقفوا الصراع على المال واستغلال الإنسان.
باسم الطفولة المجروحة، من مدينة حلب المنكوبة، نناشد المتحاربين، أن يسمعوا صوت ضميرهم، وألاّ ينغلقوا داخل المصالح الخاصة، وأن ينظروا للآخر كأخ، وأن يبادروا بشجاعة وبحزم في اتخاذ مسار اللقاء والتفاوض، متجاوزين المُعَاندة العمياء.
ليست ثقافة الصراع وثقافة التصادم، هي التي تشيِّد التعايش المشترك في الشعوب وبين الأمم، وإنما هي: ثقافة اللقاء، ثقافة الحوار؛ إنها الطريق الوحيد للسلام.
وكما قال قداسة البابا فرنسيس:” لا يمكن التغلب على العنف بواسطة العنف، يمكن التغلب على العنف بواسطة السلام! فلنصلِّ بصمت طالبين السلام. جميعنا، وبصمت… يا مريم، يا سلطانة السلام، صلي لأجلنا!” (20 تموز 2014).
باسم أطفال المناولة الأولى في حلب الشهباء، لترتفع صرخة السلام عاليا حتى تصل إلى قلب الجميع، وحتى يضع الجميع الأسلحة جانبا ويسمحوا للتوق للسلام بأن يقودهم.
باسم قديسي حلب، مار مارون ومارسمعان العامودي
فلنسأل الرب بأن ينتصر الحوار والعقل على عنف السلاح.
أطفالنا اليوم، يوجهون لنا نداءً، وينبغي أن نستجيب له: نداء من أجل كسر حلقة الحقد والعنف، كسرها بكلمة واحدة، ألا وهي: “طفولة”. لكن كي نقول هذه الكلمة لا بد أن نرفع كلنا أنظارنا نحو السماء، ونعي أننا أبناء لآب واحد.
أتوجهُ إليه، بروح يسوع المسيح، طالبا شفاعة العذراء مريم، ابنة الأرض المقدسة وأمنا.
إيها الرب، إله السلام، اسمع تضرعاتنا!
أمانة سر أبرشية حلب المارونية