أحيت مدينة البترون ذكرى شهدائها من صيادي الاسماك والاسفنج الذين قضوا في البحر، وأقامت “قداس البحر” السنوي على متن مركب بحري في مرفأ الصيادين في البترون، وترأسه القيم الابرشي الخوري بيار صعب، بمشاركة الخوري فرانسوا حرب في حضور رئيس اتحاد بلديات منطقة البترون مرسيلينو الحرك، ممثلي أحزاب ومخاتير البترون وحشد من أبناء المدينة.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى صعب عظة قال فيها: “نحتفل اليوم في هذا العيد السنوي عن نية شهدائنا البحارة، وبوقفة تأمل صغيرة نعود ونسأل أنفسنا هل نعيش روحانية المسيح في حياتنا لنكون حقيقة للمسيح. يخبرنا القديس متى في انجيله أن الفريسيين بلحظة من اللحظات لم يستطيعوا تحمل يسوع، فخرجوا وتشاوروا عليه ليهلكوه وعرف يسوع بذلك فانسحب وخرج من هناك”.
أضاف: “من إحدى سيئات يسوع في تفكيرنا البشري أنه لم يكن يواجه أحد ولا يدافع عن حقوقه وكان يتنازل عنها، ومن أولى أسباب قرار الفريسيين بإهلاك يسوع كان أن يسوع مر من أمام الزروع يوم السبت، وتلاميذه بدأوا بأكل حبوب القمح، فاعترض الفريسيون لأن هذا العمل مرفوض نهار السبت وهذا مخالف للشريعة، فقال يسوع السبت وضع لخدمة الانسان وليس الانسان لخدمة السبت، أي أن الشريعة وضعت لخدمة الانسان وليس الانسان لخدمة الشريعة، والسبب الآخر كان أن داخل المجمع يسوع يشفي شخصا مشلول اليدين فقال له مد يدك وتعود يده طبيعية، فيهاجموه الفريسيون ويقولون من أعطاك الحق لتعمل نهار السبت، فقال لهم يسوع إن كان عندكم ثورا ووقع في الماء يوم السبت فهل تتركه يموت أو تنتشله، فكيف وهذا إبن الله كيف أتركه مريضا وأنا أستطيع أن أشفيه؟”
وتابع صعب: “أمام هذه القوة التي كان يتمتع بها يسوع ويعرف إعطاء الاجوبة الصحيحة، الفريسيون لم يستطيعوا أن يتحملوا، أما يسوع فخرج ولم يواجه وأرادوا قتله لأنه كان يشفي الناس، كما قال القديس متى تبعه الكثيرون فشفاهم جميعا، فلم يتوقف عن عمل الرحمة والخير ولم يتراجع انما بقي على ثباته وعلى موقفه دون أن يواجه. هنيئا لكل من يبقى مقتنع برسالته وقوي وصامد فيعرف أن ردة الفعل القوية والخناق والمشاكل لا تحل المشاكل، انما السبت في العمل بكل بساطة وتهذيب وإيمان هو ما يعطي نتيجة وهذا ما عرفناه مع يسوع، وإن كانت هذه السيئة الوحيدة لدى يسوع تعالوا لنتمتع جميعنا بها ونحافظ على ايماننا بكل ثبات وثقة وبكل تواضع وبكل عمل رحمة مثلما علمنا يسوع، فهكذا نستحق معه القيامة الحقيقية”.
وختم يصلي على نية الجميع “لنكون ثابتين بإيماننا كما أراد المسيح دون قتال ومشاكل، انما بعيش الإيمان بأفعالنا بحقيقتنا الداخلية فنعكسها بتصرفاتنا على مثال المسيح، فنكون رسلا حاملين هذه الروحانية، ومهما حدث نكون قادرون على التشبه بيسوع ولأنه لا يمحق ولا يصيح انما يبقى ثابت برسالته إلى أن يصل بالحق إلى النصر”.
وبعد القداس، أبحر المركب في البحر ورميت أكاليل الغار والزهر في قعر المياه في ذكرى شهداء البحر.
وطنية