يا رب نجّ نفسي من البَغْي لأتمكن من صلاة الفجر “الصلاة خير من النوم”. في الصباح الباكر استلمها نازلة من عندك كأنك أنت الداعي والمدعو. في كنيستي يقال خير الصلاة اذا صمت الكلام ودعا القلب. أنا ما بلغت هذه الحال. الصلاة الحق حكايتك فيّ حتى أدرك السماء حيث يبطل النطق. المهم كلامك على اللسان حتى تزول الازدواجية بين كلام اللسان وما تريده منا. يا ليتنا نلغي كلامنا لنقول ما تريده أنت منا.
تكلم ليسمع الناس. هؤلاء يريدون كلامك آتياً ليس من الكتب ولكن من الأنقياء. متى يصير المصلي كلمة؟ هل ننقل بألفاظنا معاني الله؟ أعطنا ان نجوع إلى كلمات من فمك حتى لا نصطنع كلمات لا شبع فيها. تكلم اننا مصغون.
كثر كلام الناس في سنين عبرت وأحسسنا اننا لا نزال جياعًا. كلمتك وحدها الطعام. “خذوا كلوا”. سنأكل الطعام سيدي اذ قررنا الا نموت. هل يعلم أتباعك ان المؤمنين كانوا في القديم يأتون كبيرا منهم ويقولون له: “أعطنا كلمة نحيا بها”؟ وكان جوابه أبدًا: “اني لم أتكلم من عندي… ما أتكلم به أنا أتكلم به كما قاله لي الآب” (يوحنا ١٢: ٤٩ و٥٠). لعل خطيئتنا اننا لسنا جائعين أبدا إليك. هاتِ، ربّ، كلمتك لنحيا. البشر لا يحيون من كلمات البشر. أنت قلت: “أنا النور والحياة”. الا يعني ذلك انك كل الحياة عمقا ومدى؟ نحن لا نفتش عن شيء أنت خلقته. نحن نفتش عنك. تعال اذًا واسكن فينا وطهرنا حتى نذهب منك إليك، حتى لا نتيه بمدى نتوهمه. إذا سكنتنا تعلمنا فنصغي.
الناس يفتشون عنك فينا. البشر الخالون منك لا يهمون أحدا. تعال وانطق فنسكت وكلمتك شافية. نحن لسنا شموسا. نحن لك مرايا. قد يسأل بعض من ناس عنا. ان كنت فينا هذا يغنيهم. يرتوون. نحن لسنا طعاما لأحد. أنت خبز الحياة. حسبنا ان نوزعه ونختفي. تعال سريعا.
تعالَ لأننا إليك نرتاح اذ لا سعي منك إلى سواك. ان استقرارنا فيك يحيينا. أما قلت أنت: “أنا الطريق والحق والحياة”؟ الناس فيهم مظاهر حياة. أنت الحياة كلها. إذا كنا فيك تشبعنا منك.
لا نبقى اذًا جياعًا. وإذا ارتاحت نفوسنا إليك لا نقلق اذ لا يزيد أحد عليك شيئا. أنت “خبز الحياة” تغذيها ونبقى معك. لازِمنا يا سيد، لازمنا فلا نجوع ولا نعطش.
سيدي، علمني أن أصلي بكلمات جديدة، صاعدة من قلب تكون أنت قد سكنته. أخشى قلبي. تعالَ اليّ لتتكلم فيّ نفسك، لأعرف أني منك. لا تفصلني عنك. أنا لا أرضى أن أكون قد أتيتُ من أبي وامي فقط. اذا لم أعرف أني منك أتيه في متاهات نفسي. اجعلني منك لأشعر أني صرت شيئا.
كن أنت سلامي اذا دنت ساعة موتي لألقى وجهك عند موتي. يكفيني وجهك. وجهك الفجر يا رب.
النهار