كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
تجهد أكثر من جهةٍ لبنانيةٍ في واشنطن من أجل القول بأنها تعمل على التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي يلبّي فيه لبنان الشروط الإصلاحية للصندوق، ولكن حتى الآن لم يقتنع المسؤولون في هذه المؤسسة المالية الدولية بكل الطروحات والوعود التي تأتيهم في شكل خاص من قبل الحكومة اللبنانية، فأصبحوا يسمعون وهم مدركين أنّ المسألة مجرّد تكرار كلام وأن لا جدية في إطلاق عملية الإصلاح.
هذا الجو تخرقه زيارة الوفد النيابي اللبناني الذي يضمّ ممثلين عن المعارضة غير الموجودة في الحكومة، ككتلة تجدّد والقوات اللبنانية والكتائب ومستقلين، إضافة إلى قوى موجودة في الحكومة، كالحزب التقدمي الإشتراكي والتيار الوطني الحر، الذي كان يفترض أن يكون ممثلاً بالنائبة ندى البستاني، ولكنّ ظروفاً خارجة عن إرادتها حالت دون سفرها، علماً أنّ التيار مؤيّد للأفكار التي طرحت من قبل الوفد أمام مسؤولي صندوق النقد ولا سيما لجهة ما هو مطلوب من المجلس النيابي لإخراج قانون هيكلة المصارف وقانون إستعادة التوازن المالي بالصيغة التي يرضى عنها صندوق النقد الدولي.
هذا التحرّك في العاصمة الأميركية يأتي إستكمالاً لما كان قد بدأه النائب فؤاد مخزومي في بيروت من خلال لجنة نيابيّة ضمت أطرافاً عديدة والتقت بمسؤولين في صندوق النقد الدولي في لبنان وسمعوا منهم خطورة ما قد يصل إليه لبنان في ظلّ عدم تطبيق الإصلاحات.
زيارة الوفد النيابي اللبناني إلى صندوق النقد تأتي بعد مضي عامٍ على توقيع اتفاق الإطار بين لبنان والصندوق، من دون أن تتمكّن الحكومة اللبنانية من إطلاق عملية تعافٍ فعلية، وقالت مصادر تابعت مواقف صندوق النقد إن المسؤولين في هذه المؤسسة الدولية أصبحوا يدركون أن لا مجال للتقدّم في الأزمة اللبنانية لعوامل متعددة أبرزها عدم قدرة اللبنانيين على تغيير الطبقة الحاكمة وسلوكها الذي يحبط كل محاولات الإصلاح من أجل حماية المرتكبين والمسيطرين على مقدرات البلاد وهم في حلقة تحمي بعضها بعضاً، وبالتالي فإنّ المؤشّر لعمل جدّي مع لبنان يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية وليس أيّ رئيس، وتشكيل حكومةٍ إصلاحيةٍ فعليةٍ مطلقة الحركة، لا تتحكّم فيها القوى السياسية المتورّطة.
وإن لم يحصل ذلك سيبقى صندوق النقد الدولي في موقع المتفرّج والمنتظر، إلى أن يدرك اللبنانيون أن الحلّ يبدأ من عندهم وليس من خارج الحدود.