مرة جديدة يتحرك وفد نيابي بمبادرة من النائب فؤاد مخزومي نحو الخارج ومحطته هذه المرة في بريطانيا في محاولة لإيصال صورة أكثر حقيقية وواقعية عن الوضع اللبناني خلافاً لما تحاول السلطات الرسمية ترويجه لا سيما وأنّ وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون كان قد سمع من المسؤولين اللبنانيين وجهة نظر لا تختلف عن وجهة نظر «حزب الله».
صحيح أنّ أعضاء هذا الوفد الذي يضم نواباً من «تجدد» و»القوات اللبنانية» و»الكتائب» و»اللقاء الديمقراطي» ومستقلين وتغييريين و»التيار الوطني الحر»، تتعدد أراؤهم في كيفية التعاطي مع «حزب الله»، ولكنهم جميعاً لا يرغبون في أن تتوسع الحرب في لبنان بل يريدون أن يعود الإستقرار إلى الجنوب وأن يطبق القرار 1701 من الجانبين، وهو قرار لا يحتاج إلى آليات جديدة لتطبيقه، كما أوصل الوفد للجانب البريطاني أنّ من أخذ لبنان إلى الحرب هو نفسه الذي يعطل الإنتخابات الرئاسية وهي الخطوة الضرورية للبدء بالخروج من الدوامة التي يعيشها لبنان والناجمة عن عدم إعادة تكوين السلطة ومصادرة قرارها.
هذه الصورة التي يحاول الوفد اللبناني إيصالها هدفها القول إنّ ما يقوم به «حزب الله» في لبنان ليس موضع إجماع أبداً، ولكن اللبنانيين المعارضين له ليسوا بصدد مواجهة فوضوية، بل يخوضون مواجهة سياسية ولكنها لا تلقى من جانب «حزب الله» أي اعتبار رغم أنها تمثل نصف الشعب اللبناني على الأقل الذي يمعن «الحزب» في تهميشهم عن القرار، فلا يقوم بأي مبادرة تظهر حسن النوايا في جميع المواضيع الخلافية.
البريطانيون يستمعون جيداً إلى أعضاء الوفد اللبناني رغم إدراكهم بأن مصير لبنان واللبنانيين يُرسم جزء كبير منه في طهران التي لا تزال حتى الساعة تمسك بورقة لبنان بقوة ولا تريد التفريط بأي ذرة منها، ولذلك يستمر السعي بالواسطة للتوصل إلى تفاهم مع الإيرانيين ولكنه يبدو حتى الساعة بعيد المنال، ولذلك اتفق البريطانيون مع الأميركيين والفرنسيين على تعزيز التواصل والعمل مع قوى المعارضة اللبنانية وعلى تقديم المزيد من الدعم للجيش اللبناني باعتباره الذراع الوحيدة المتبقية للدولة لتطبيق أي تسوية يتم التوصل إليها في المستقبل القريب أو البعيد.
واستناداً إلى كل ما سبق أوصت القوى الدولية قوى المعارضة بأن لا تتراجع عن المواجهة السياسية وأن تستمر في تصعيدها في شكل مدروس باعتبارها الوسيلة الوحيدة لاستمرار ربط النزاع مع «حزب الله» وصولاً إلى اللحظة التي تنفتح فيها أبواب التسوية.