زار راعي ابرشية طرابلس وتوابعها للروم الملكيين الكاثوليك المطران ادوار ضاهر رعية بلدة شدرا – عكار الكاثوليكية، حيث كان في استقباله حشد كبير من ابناء البلدة والقرى والبلدات المجاورة وكهنة وراهبات، وترأس ضاهر القداس الذي اقيم لمناسبة عيد العنصرة في كنيسة البلدة، والقى بعد الانجيل المقدس عظة قال فيها:
“نحتفل اليوم بعيد العنصرة الذي يختتم الزمن الفصحي بعد خمسين يوما من أحد القيامة. ويعتبر عيد العنصرة عيد ميلاد الكنيسة في القدس، أم الكنائس كلها، لأنها كنيسة القيامة وكنيسة الروح القدس. تعلم الكنيسة الأولى، أن المسيح الذي مات وقام وصعد الى السماء وتمجد عن يمين الآب، تمم عمله بإفاضة الروح على جماعة الرسل يوم العنصرة (أعمال 2: 23- 32). وعليه تشكل العنصرة إكمال الفصح والصعود. ويذكرنا هذا العيد بحلول الروح القدس على الرسل والتلاميذ الآخرين، الذين كانوا مجتمعين للصلاة مع مريم العذراء في العلية. إن يسوع القائم من الموت والذي صعد الى السماء، أرسل روحه الى الكنيسة ليجعلنا نعيش العنصرة من جديد (أعمال الرسل 2، 1-11) كي يتمكن كل مسيحي من مشاركته حياته الإلهية، ويصبح شاهدا حقيقيا له في العالم”.
وخاطب ضاهر المشاركين بالقداس بالقول: “أنا أمامكم وما بينكم لأقطع عهدا بأنني هنا للعمل، ولقد وضعت يدي على سكة المحراث، فسأنصرف ليل نهار إلى الكد والجد والبذل والتعب، دون حساب، حتى إراقة سكيب حياتي في سبيلكم، أنتم يا أبناء أبرشيتي الطرابلسية وسائر الشمال الرومية الملكية المحبوبة لدى الله.
أنا هنا للعمل في سبيل هذه الأبرشية، لأجل تقديسها ورعايتها ونموها وازدهارها، لأجل إنجاح مشاريعها وجمعياتها وجميع مرافق النشاط فيها.
أنا هنا لأحمل إليكم، ولأحقق، قبل كل شيء، سلام المسيح، ومحبته، القائل لنا جميعا:
“سلامي لكم، سلامي أعطيكم”.
واضاف: “أنا هنا للجميع دون إستثناء أحد، أنا هنا مع جميع الطوائف والمذاهب والأحزاب، تجمعنا وتوحدنا مصلحة هذه المنطقة العزيزة.
أنا هنا لأجمع لا لأفرق، أنا هنا لأوحد ما بين القلوب والنفوس والأفكار والجهود على اختلاف الآراء والإلتزامات والميول – لكي يمكن أن يكون ناجحا وناجعا، العمل في سبيل الله والوطن وبخاصة في سبيل طرابلس وكل شمال لبنان.
أنا هنا لتكون الحياة لهذه الأبرشية، تكون زاخرة قوية، أقوى من الموت.
أنا هنا لأتابع عمل السلف الصالح، فأجعل من هذه الأبرشية خلية حية، ناشطة، رائدة، تقوم بدورها الطليعي في بناء جسد المسيح، الذي هو الكنيسة، وفي إشاعة الخير والحق والعدل والرحمة والإخاء والوحدة.
أنا هنا لأذيب نشاطي بل حياتي في العمل في سبيل الأبرشية وفي سبيل كل منكم.
وبكلمة، أنا هنا للخدمة: على مثال المعلم الالهي الذي قال: “إبن البشر لم يأت ليخدم بل ليخدم، ويبذل نفسه فداء عن كثيرين”، نحن وجدنا لخدمة الله ولخدمة الإنسان وخدمة لبنان.
نحن لخدمة كل إنسان، أي كان، لخدمة كل قاصد وسائل ومحتاج. وقلبنا مفتوح ويدنا مبسوطة إلى اخوتنا رؤساء الطوائف الشقيقة الكريمة، لنكون وإياهم يدا واحدة وفكرا واحدا في خدمة الله والإنسان والوطن، وإلى المسؤولين عن الحكم عندنا، فنكون إلى جانبهم في معركة البناء التي عليهم جميعا أن يخوضونها لبناء لبنان الجديد، وفي عملية الإصلاح من أجل تحقيق الأمن والسلام والحكم الصالح والإدارة السليمة.
ويدنا مبسوطة ايضا إلى المؤسسات البيئية والروحية والاجتماعية على اختلافها، كي تعمل كلها للخير العام وتؤدي رسالتها على الوجه الأكمل.إلى إخوتنا الكهنة وهم لنا الجناح القوي الخفاق، بل المعاونون والأخوة، كما يقول المجمع المسكوني.إلى جميع أبنائنا العلمانيين، إلى قادة الرأي منهم وإلى كل واحد. ونحن أدرى الناس بما تزخر به هذه المنطقة من إمكانات وطاقات، وبما تعمر به نفوس أبنائها من نشاط واندفاع وإخلاص. فندعو الجميع إلى أن نعمل معا في خدمة لبنان ولنشر الخير والإلفة والتضامن والسلام.
تلك هي مهمتنا أيها الأحبة، تنطوي على مسؤولية لا أرهب منها ولا أثقل، وعلى الاضطلاع بهذه المهمات الشاقة والعبء الثقيل، ويا أبنائي الذين أعطانيهم الله، أنا آت وشعاري “شهادة في الحق والمحبة” مقتديا بالرب يسوع القائل: “ما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه فداء عن أحبائه”.
وختم بالقول: “ولا بد لنا في مناسبة عيد العنصرة، حيث حل الروح القدس على تلاميذه ورسله، إلى أن نتشارك الصلاة مع قداسة البابا فرنسيس، وإلى أن نوجه من بلدة شدرا الأبية، صرخة مدوية، ودعوة ملحة إلى كل المسؤولين السياسيين وخصوصا النواب، أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه الوطن والمواطن، وأن يقوموا بدورهم بانتخاب رئيس للجمهورية، يكون رمزا للوحدة والديموقراطية، ولكي ينعم الناس بالسلام والهدوء والسكينة والإستقرار”.
وطنية