احتفلت رعية الروم الملكيين الكاثوليك في مدينة البترون بتكريس قاعة القديسين بطرس وبولس، خلال قداس ترأسه راعي ابرشية طرابلس وتوابعها للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوار جاورجيوس ضاهر، عاونه فيه كاهن الرعية الخوري بولس مرديني، في حضور الرئيس الأول في الشمال القاضي رضا رعد، ممثل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل نجم خطار، ممثل رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية سمير الحصري، قائمقام البترون روجيه طوبيا، رئيس بلدية البترون مرسيلينو الحرك، ممثل “حزب الله” الشيخ رضا أحمد، منسق “التيار الوطني الحر” في منطقة البترون طوني نصر، ممثل نقابة المهندسين في بيروت عبد خضر، الدكتور نبيل الحكيم، السيدة زينة جورج ضو، المهندس سليم نجم وحشد من المؤمنين.
وألقى ضاهر عظة قال فيها: “يطيب لي اليوم ان احتفل معكم لاول مرة في هذه القاعة، قاعة الرسولين بطرس وبولس، التي طالما انتظرتها وانتظرها ابناء هذه الرعية المباركة، لنحتفل سوية بالذبيحة الالهية، ويطيب لي أن أذكر آباءنا واجدادنا الذين نقلوا الينا الايمان المسيحي القويم عبر جهاد وتضيات تجسدت في البدء ببناء هذه الكنيسة والاحتفال معا في هذه القاعة. ونحن اذ نشكر الله اولا على جميع نعمه وخيراته، نشكر الله الذي بارك القيمين على بناء هذه الكنيسة ونخص بالذكر المثلث الرحمة المطران جورج رياشي، وكاهن هذه الرعية الحبيب قدس الاب بولس مرديني وصاحب الحلم الكبير السيد اسطفان عسال وجميع ابناء هذه الرعية وكل من ساهم وخطط ونفذ وجميع المحسنين والخيرين محبي جمال بيتك يا رب”.
أضاف: “من أكل جسد المسيح، الذي هو غذاء العالم، ثبت في المسيح، وثبت المسيح فيه، فإنما يعني ذاته كلها، اي شخص الكلمة المتجسد، بكل طاقاته وعظمته، وبكل ضعفه واوهانه. فالسيد المسيح له طاقات اله، وقد برهن عن ذلك بتحويل الماء الى خمر، وبغفران الخطايا، وبشفاء المقعد، وبفتح عيني الاعمى، وباعطاء الحياة الابدية لجميع الناس. والسيد المسيح له عظمته لأنه مملوء نعمة وحقا، وله مجده الذي شاهد التلاميذ في القيامة وفي الصعود. كل هذا، النعمة والمجد بعد الآلام، يعطيه لنا السيد المسيح عندما نشترك في سر الخبز والخمر، اللذين نقدمهما في اجتماعاتنا الاخوية، على توصية من السيد المسيح القائل: إصنعوا هذا لذكري. فإن تصورنا، كما تصور اليهود، أنه يعطينا جسده لنأكله، كما أكلوا المن في البرية لايقات أجسادهم، حق لنا أن نتململ من هذا القول، ونتخاصم فيما بيننا قائلين: “كيف يقدر هذا أن يعطينا جسده لنأكله؟” أما إذا اعتبرنا أننا بالمعمودية “مولودون من فوق”، وبأن الله قد أشركنا في حياته الخاصة وسعادته ونعمه بواسطة الروح القدس- وقد قال لنيقوديموس في هذا الصدد: “إنه ما من من أحد يستطيع دخول ملكوت الله، ما لم يولد من الماء والروح”، أي ما لم يحصل على الروح القدس من دار الخلود أي من العالم غير المادي فحينئذ ندرك أننا محظوظون كثيرا في اجتماعنا في هذا المكان المقدس، من أجل أن نذكر آلام المسيح ومحبته الفائقة، ومن أجل أن نتحد به، بواسطة روحه القدوس، كما يتحد الخبز بالجسد بعد أكله، والخمر بالدم بعد شربه، فيتمكن من الاعلان: “لست انا بعد حيا بل المسيح حي في. وما احياه بالجسد انما احياه بالايمان بيسوع المسيح ربي. وهو يشهد لنا بأن “الله روح وينبغي لعابديه ان يعبدوه بالروح والحق”.
وتابع: “ونحن اذ نتناول الخبز والخمر، فانما نعبد الله بالروح والحق. فإن نحن اشتركنا في تناول الخبز والخمر، فإنما نشترك مع السيد المسيح الذي أحبنا، وأرسل الينا الروح القدس ليعلمنا، في كل يوم، كيف نتصرف، في أعمالنا البيتية والادارية والسياسية والاجتماعية، تصرف الله نفسه، في المحبة والغفران والوداعة، فأنتم المعتمدين بالمسيح لقد لبستم المسيح. هذا الخبز الالهي، الذي يربط مصيرنا اليوم بالسيد المسيح، كما كان مصير الرسل مرتبطا به في أيام بشريته، هو الذي يفتح أمام أعيننا بعدا عموديا يربطنا بما هو دائم، ويرفعنا الى ما هو فوق، وينقذنا من هذا الدهر المتعثر، الذي تزيد متاعبه على أفراحه. وفيما الزمن يطوينا مع طية ايامه، ولا يزودنا الا بطعام عابر نسعى اليه، هذا الطعام الروحي، الآتي من السماء، ويشير الى السيد المسيح المتلبس بالجسد ليسكن معنا ويعمل بمشيئة الآب. ومشيئة الآب، يقول يسوع “هي أن لا افقد احدا من الذين اعطاني وان تكون لكل من يرى الابن، بعين الروح، ويؤمن به، الحياة الابدية”. ان اطعمة الارض من غذاء وملذات ومكاسب، تبهج الانسان للحظات قصيرة، وحده الاغتذاء، بالخبز النازل من السماء، ينعش حياة الانسان، فينقله من الحياة المتقلبة العابرة الى الحياة الثابتة الابدية. وهكذا يصح فيك قول القديس اوغسطينوس: ان احببت التراب تصير ترابا، وان احببت الاله تصير الها”.
وختم داعيا الى “أن نكون ابناء الله لا ابناء التراب والموت. فلنرفع قلوبنا الى فوق، الى العلاء. آمين”.
وفي نهاية القداس أقيمت صلاة التكريس وتم تبريك القاعة. وبعد القداس قدم اسطفان الياس عسال درعين تقدريريتين لكل من ضاهر ومرديني “عربون محبة وتقدير”.
وطنية