وجه الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار الأنطوني، كلمة لمناسبة يوم المدرسة الكاثوليكية الذي يصادف اليوم.
وقال: “يوم المدرسة الكاثوليكية متزامن، كما في كل سنة، مع عيد صعود الرب يسوع إلى السماوات. وهذه دلالة مميزة على أن هذه المدرسة مطبوعة على الارتقاء دوما في سلم القيم وفي خدمة الإنسانية بالتربية والتعليم، وهما حق لجميع الناس.
وإذا كانت المدرسة الكاثوليكية مؤتمنة على هذا الحق ومناضلة لحمايته والحفاظ عليه، فلأنها ترتكز على إيمان أسرتها بالله، وعلى توجيهات الكنيسة، “الأم والمعلمة”، وعلى احترام شرعة حقوق الإنسان والالتزام بها وعلى مواكبة واعية للتطور التربوي والتكنولوجي والعلمي.
صحيح أن هناك اليوم من يشوش على المدرسة الكاثوليكية رسالتها ودورها، فيوجه للمسؤولين والمسؤولات فيها إتهامات لا تليق بمن يطلقها، وأكثرها لأسباب شخصية أو لجهل في المعطيات القانونية والتنظيمية والحسابية وما شابه.
ولكن الأصح هو ان هذه المدرسة كانت، ولا تزال، وستبقى، واقفة لتشهد للحق الذي يحرر، ولتسهل الدروب أمام الراغبين، وغير الراغبين أيضا، في الصعود دوما إلى المراقي للتفتيش عن الحقيقة بطريقة تتناسب وكرامة الشخص البشري وطبيعته الاجتماعية، أي ببحث حر عن طريق التعليم أو التربية والتبادل والحوار.
انه الالتزام الذي نجدده اليوم، في يوم المدرسة الكاثوليكية، فيما نحن نناشد، ومع جميع مكونات القطاع التعليمي الخاص، جميع المسؤولين في وطننا الحبيب لبنان، للقيام بمبادرة جريئة وتاريخية، لحماية حرية التعليم ووحدة العائلة التربوية، ولتحييد القطاع التربوي عن جميع التشريعات المرتجلة والتجاذبات السياسية.
لقد آن الاوان، وبعد سنوات من البلبلة التي أضرت بأجيالنا الطالعة وبأخلاقهم، للقيام بهذه المبادرة لنؤمن استمرارية عمل مدراسنا، لكي نعيد للبنان أصالة دوره التربوي في تنشئة تلامذتنا ليكونوا مُبدعين وخلاقين وصانعي “السلام في الحرية”، ورسل نهضة فكرية وثقافية وإنسانية في عالمنا المشرقي والعربي، لا بل في كل العالم.
إن المدرسة الكاثوليكية تحمل إلى جميع مكوناتها رسالة الكنيسة المميزة في المجتمع من أجل تحرير الإنسان من كل ما يعوق نموه البشري والثقافي والاجتماعي والانمائي… وانطلاقا من التعاون بين المدرسة الخاصة والدولة، فنحن نناضل في سبيل حماية النظام التربوي في لبنان من خلال التعليم الخاص.
منذ أيام كنت في كينيا للمشاركة في اجتماع المكتب الدولي للتعليم الكاثوليكي، وكم أفرحني أن يبادر بعض المشاركين بالدعوة إلى التشبه بلبنان لجهة تخصيص يوم للمدرسة الكاثوليكية، يكون عالميا.
وفي البيان الختامي كان توقف عند مكامن القوة ومكامن الضعف وكان توقف عند المشكلات والحلول والتحديات والاضاءات المشعة، وعند مواقف دول داعمة للتعليم ودول معادية له. وفي المحصلة أكدنا على “المحافظة على مستوى التميز في مبادراتنا التربوية، وفي أمانتنا واخلاصنا للزخم الانجيلي، لأننا مدعوون لنكون منفتحين على التقدم الحاصل في ميدان التكنولوجيا… ومن دون أن نهمل البتة نمو الإنسان بكليته، جسما وعقلا وروحا”([3]).
في يوم المدرسة الكاثوليكية، نحن نلتقي مع مدارس لبنان والعالم، كاثوليكية كانت ام غير كاثوليكية، لنجدد قناعتنا القيام برسالتنا باصالة وشرف واحتراف، وانفتاح على الجميع.
ولذلك نحن نؤكد اليوم التزامنا تعزيز ثقافة العيش المشترك التي هي ميزة من ميزات تربيتنا، وذلك نبذا لكل تعصب وانغلاق طائفي وارساء لدعائم الوطن الذي يبنى على اساس سليم من المعرفة المتبادلة والحوار البناء والمصلحة العامة المشتركة.
في يوم المدرسة الكاثوليكية في لبنان نجدد قناعاتنا هذه، آملين ان يسعى اعضاء الندوة البرلمانية، الجدد والمُعاد انتخابهم، ومع كل تمنياتنا وتهانينا لهم، الاستناد اليها ليحققوا ما ينتظره شعبنا منهم، وهو اصدار البطاقة التربوية وحماية التعليم الخاص الذي يحتضن اكثر من 70% من المتعلمين في لبنان، بالاضافة إلى تعزيز التكامل بين القطاعين العام والخاص، مع احترام فرادة كل منهما.
هذا ما احببت ان أعلنه في يوم المدرسة الكاثوليكية في لبنان، آملا لجميع أسرها التربوية، اهلا ومعلمين وتلامذة وموظفين وادارات، مزيدا من التعاون والتضامن، والتفهم والتفاهم، تعزيزا للثقة المتبادلة ولخدمة اجيالنا الطالعة ومتابعة الحوار الثقافي تسهيلا لبناء الهوية المنفتحة كمدخل اساسي إلى بناء المواطنية على مفاهيم علمية واضحة وعلى رؤية المستقبل تستند إلى تصور واضح لمفاهيم حقوق الانسان”.
وطنية