ألقى البابا عظة توقف في مستهلها عند شخصية سمعان الشيخ الذي حمل الطفل يسوع بين يديه لدى تقدمته إلى الهيكل. وقد شاهد الأشخاص المتواجدون في ذلك المكان طفلاً هشاً، صغيرا وبسيطا، بيد أن سمعان رأى فيه الخلاص، لأن الروح القدس جعله يدرك أن هذا الطفل هو مسيح الرب. توجه فرنسيس إلى المكرسين والمكرسات الحاضرين في بازيليك القديس بطرس قائلا إنهم رجال ونساء بسطاء شاهدوا الكنز الأثمن في هذا العالم، فقرروا أن يتركوا كل شيء من أجله. لقد أحبوا يسوع ورأوا فيه كل شيء. وقال إن هذه هي الحياة المكرسة، أي أن ننظر إلى ما هو مهم في الحياة، ونقبل عطية الرب بذراعين مفتوحتين، تماما كما فعل سمعان الشيخ. وأكد أن المكرسين لم يستحقوا الحياة المكرسة لأنها عمل نعمة وعطية من عند الله.
بعدها لفت البابا إلى أن التعرف على النعمة يشكل نقطة الانطلاق كما لا بد أن نعيد النظر في حياتنا، في ضعفها وهشاشتها وبؤسها، خصوصا وأن إبليس يراهن على إخفاقاتنا. وهكذا نواجه خطر فقدان البوصلة، التي هي مجانية الله الذي يحبنا دوماً ويهب نفسه لنا. وعندما نبقي أنظارنا موجهة نحوه ننفتح على المغفرة التي تجددنا ونثبت في أمانته. لذا لا بد أن نطرح على أنفسنا السؤال التالي: هل نبقي أنظارنا موجهة نحو الرب؟ أو نحونا؟ إن من يعرف كيف ينظر إلى نعمة الله يكتشف ترياقاً لفقدان الثقة وللحياة الدنيوية.
هذا ثم حذّر البابا من مغبة أن تنغلق الحياة المكرسة على ذاتها، وهذا يحصل عندما لا تتمحور حول نعمة الله. فتفقد الدفعَ والزخم وتراوح مكانها. فيبدأ الإنسان يتذمّر ويثرثر على الآخرين: على الأخوة والأخوات، على الجماعة وعلى الكنيسة والمجتمع. ولكي نعرف كيف ننظر إلى الحياة يجب أن نسأل عن كيفية رؤية نعمة الله تجاهنا، تماما كما فعل سمعان الشيخ. وأضاف فرنسيس أن الحياة المكرسة، وإذا ظلّت راسخة في محبة الرب ترى الجمال. ولا تعتبر أن الفقر يتطلب قوة عملاقة، بل إنه حرية سامية، تقدّم لنا الله والآخرين ككنز ثمين. لا ترى في الطاعة انضباطاً، بل تغلباً على فوضانا.
تابع البابا عظته متحدثاً عن سمعان الشيخ وقال إنه رأى يسوع طفلاً صغيراً، متواضعاً، جاء ليخدم لا ليُخدم. وأضاف فرنسيس أن الشخص الذي يُبقي نظره على يسوع يتعلّم أن يخدم لا أن يُخدم. لا ينتظر أن يبادره الآخرون، بل ينطلق بحثا عن القريب، كما بحث سمعان عن يسوع في الهيكل. وفيما يتعلق بالحياة المكرسة يوجد القريب، قبل كل شيء، داخل الجماعة. لذا لا بد أن نطلب نعمة البحث عن يسوع في الأخوة والأخوات الذين نالوه. وهكذا نبدأ بممارسة المحبة.
مضى البابا إلى القول: إننا نحتاج إلى نظرات تبحث عن القريب، وتقرّب من هم بعيدون وهذه هذه الدعوة الموجهة بنوع خاص إلى الرهبان والراهبات إذ ينبغي أن تكون لهم نظرة تبحث عن الأشخاص البعيدين، نظرة رأفة، لا تدين، بل تشجّع وتحرّر وتعزي. كما ينبغي أن تكون نظرة المكرسين مفعمة بالرجاء، تماما كسمعان وحنة، المتقدمين في السن، لكنهما لم يفقدا الرجاء. فالسر يكمن في عدم الابتعاد عن الرب، مصدر الرجاء. لأننا نصبح عمياناً إن لم ننظر إلى الرب كل يوم وإن لم نسجد له ونعبده. ختاما رفع البابا الشكر لله على عطية الحياة المكرسة وقال: لنسأله أن يهبنا نظرة جديدة ترى النعمة، تبحث عن القريب وتعرف كيف ترجو.
أخبار الفاتيكان