اليوم إن أدرك هذا المقال المطبعة أكون قد أتممت السنة الواحدة بعد التسعين من عمري. لا يعطي لي ان أعرف ما يعني هذا لله. ولكن ما وهبني الرب ان أعرفه من مقاصده هو أنه يريدني ان أتوب. هذا هو الأمر الوحيد عند ظني ما يريد الله ان يعرفه في كل إنسان. فأنت في مقدار قرباك من ربك. غير هذا لا يعني له.
ما عمري ان لم يكن مدى معرفة الله بي ومعرفتي به – المد الزمني لا يعني شيئاً. الأمور في كثافتها. العمر كله فرصة لتعرف مدى قبولك للرب. هل أنت تريد ان تصير حبيب الله. هذا هو السؤال الوحيد الذي ينبغي أن تطرحه على نفسك. كل شيء آخر من هذا العالم. إن أردت ان تصير حبيب الله تكون
قد أكملت سعيك. قبل ذلك تكون قد بقيت شيئاً من هذا العالم. مدّ السنين لا يعني شيئاً. العمر في مضمونه. ماذا فهمت من أعوام انقضت عليك؟ هل عشتها نازلة عليك من فوق أم طالعة من رغباتك؟
هل العمر عدد سنين أم كثافة ما نزل عليك من فوق؟ عمرك في نوعية الوجود الذي الله وهبك. لك أنت في الإخلاص لربك ان تكثف حضوره فيك أو ان تبعد وجهه عنك. لك ان تحب أو ان تتلاشى. الى حد ما وجودك منك ووجودك بك فاحمل وجودك الى حيث يجب ان تحمله ليتقرر فوق فتكون حيث أردت.
بعضنا يشيخ ولا يعتق. وبعضنا يبقى صغيراً لا يخشى الشيخوخة. كثيراً ما كانت هذه نضجاً ولكنا نحن المؤمنين نريد النضج بالله. مرة أمام عليم في كنيستنا كنت شاكاً في صلاح أحد الناس فلامني كبيرنا قائلاً عن هذا إنه ناضج. قلت له لا، انه مسنّ. صح اني كنت شاباً عند هذا الحديث. مع ذلك أحس ان تقادم السنين لا يعني شيئاً وان كل الوجود في تقادم النعمة.
ليست كلّ سن تجلب لنفسها الوقار. هذا معطى لمن استحق النعمة الإلهية. ظنوا في الشيخ ما هو حسن ليتدبروا سلوكهم واعطوا الفتى حقه من التقدير الى ان يحكم الله في الناس ولا تنسوا حكم الله: “لا تدينوا كيلا تدانوا”. لا يكن أحد منكم مجلبة للغضب الإلهي. “كل شيء مباح لي” كما يقول الرسول إلاّ ان تحالفوا الشيطان وحلفاء الشيطان. وحلفاء الشيطان معروفون عند العالمين بالله. من أحب الرب من كل قلبه ومن كل ذهنه يميز دائماً من هم لله ومن هم ليسوا له. احرص على ان يملك الرب قلبك. اذذاك لا يبقى عندك تردد بين ما هو له وما ليس له.
النهار