افتتح معرض “نقوش جبل آثوس وأيقونات العذراء مريم” في بيت بيروت – السوديكو، الذي يقام في إطار مؤتمر الحوار البرلماني بعنوان “التنوع في الوحدة والحريات الأساسية للمسيحيين والمسلمين في الشرق الأوسط”، والذي ينعقد برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حضور متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، النواب: غسان مخيبر، رياض رحال ونضال طعمة، محافظ بيروت القاضي زياد شبيب وأعضاء الوفود العربية والأجنبية المشاركة في المؤتمر.
وتخللت المعرض ترانيم تمجيد بالسيدة مريم العذراء أدتها الفرقة الصوفية وجوقتا القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس وجمعية المبرات الخيرية الإسلامية.
شبيب
بعد النشيد الوطني وكلمة ترحيبية لمخيبر، ألقى شبيب كلمة قال فيها: “بعد هذه الصلوات الجامعة، أعتقد أن الكلام أصبح قاصرا عن التعبير. أود فقط أن أرحب بكم جميعا في هذا المكان المليء بالتاريخ والعبر، فتاريخ بيروت الحديث يختزنه هذا البناء الذي يحمل جراح الماضي ويختزن العبرة منه، فأبقيناه كما هو ليكون مكانا لمستقبل هذا البلد، للتلاقي فيه والحوار والتعلم من دروس الماضي ومآسيه وعدم تكرارها”.
وشكر لـ”الجمعية البرلمانية للأرثوذكسية” إتاحتها هذه الفرصة، “للتمتع بهذا التراث العظيم الآتي من جبل آثوس المقدس”.
عودة
ثم ألقى عودة كلمة قال فيها: “تتطلع شعوبنا في مشرقنا المسيحي ومحيطنا العربي الى عمل برلماني يحمل قضاياها ويعلي شأن الإنسان في أزمنة أضحى فيها العمل السياسي في غير قليل من مبادراته سلسلة من الصفقات الاقتصادية ذات الطابع الجيو سياسي، صفقات تعد الإنسان بالحرية والسلام والعدل، فيما هي تنتهك حرماته وتستنزف طاقاته البشرية وثروات بلاده الطبيعية”.
أضاف: “لقد شهد شرق المتوسط في الآونة الآخيرة صعود التطرف الايديولوجي المتذرع بالدين، تلته سياسات ادعت محاربة التطرف فحولت المنطقة الى سوق للسلاح والنخاسة ولجج الدم والدموع والمال الآثم. في معادلات كهذه، يغيب وجه الإنسان وتغيب قضاياه وتتصدر الأولويات مفاوضات ومقايضات تخدم مصالح هذه وتلك من الأمم المقتدرة”.
وتابع: “اليوم، مؤتمر الحوار البرلماني: “التنوع في الوحدة والحريات الأساسية للمسيحيين والمسلمين في الشرق الأوسط” يعطينا أملا بأن بين نواب شعوبنا من يدركون حقيقة الأزمات الراهنة ومأساة الإنسان فيها ويسعون سعيا حثيثا إلى الإضاءة على السبل الحقيقية لتلبية حاجات شعوبنا الحيوية الى ثقافات التلاقي والانفتاح والتكامل والتثاقف والإغتناء بخبرة الآخر وتراثه واحترام هويته وخصوصية مجتمعاته. مما لا شك فيه أن الأزمات المتتالية في بلادنا تركت جروحا عميقة ومخاوف وحواجز تفرق الناس في تحزب أعمى، عوض أن تجمعهم في عمل اجتماعي، حزبي، سياسي واع، جاد ومسؤول. لذا، بتنا في أمس الحاجة إلى جسور يبنيها رسل السلام، سياسيون مؤمنون بخير الإنسان وبلقاء الوجوه، بالحوار الحقيقي الصادق الشفاف، والذين لا يؤسسون الأوطان على أساس استراتيجيات الغايات المكيافيلية ووسائل بلوغها”.
أضاف: “السؤال الذي يهمني أن أطرحه على مؤتمركم الكريم هو: ألم يحن الوقت ليدخل البرلمانيون عبر العالم في حوار جوهري يمس عمق قضايا الإنسانية اليوم وحاجاتها؟ ألم تأت الساعة لنحقق كل وفاق من أجل اعلاء خير الإنسان على حسابات الاقتصاد والبيع والشراء والاستهلاك المفرط الذي يحول الشعوب إلى سلع لا إلى أشخاص أقانيم هي القيمة، كل القيمة، التي من أجل خدمتها تقوم الأمم والأنظمة والسياسات؟”.
وقال: “في هذا السياق، يأتي معرض نقوش جبل آثوس وأيقونات العذراء مريم ليذكرنا جميعا بأن مفهوم الأيقونة يقوم على حقيقة استعلان وجه الله في الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله. الإنسان هو غاية عمل الخلق الإلهي، هو غاية الثقافات في تعابيرها والحضارات في تعاقبها، والدين في نقاوته. الإنسان هو أيقونة الله على الأرض، هو تاج الخليقة وغاية التاريخ”.
وأكد عودة أن “المشرق هو مهد الأرثوذكسية وموطن التلاقي بين حضارة الروم وثقافة العرب. ولعل الرسالة الأبلغ التي نؤديها من خبرتنا في هذه المنطقة هي أن الصدق في السياسة والعلاقات والايمان بلقاء حقيقي مع الآخر، إنما هي اليوم الحاجة الملحة إلى مجتمعات الناس وهي السبيل الوحيد لبناء الإنسان ولتنعمه بغنى التراثات الدينية المختلفة وآفاق الإبداع والعطاء والنمو في خبرة العيش المشترك”.
وختم: “ننتظر من هذا المؤتمر نقلة نوعية على مستوى منهجية الحوار ومقاربة غنى التنوع الذي ينعم الله به علينا، في شرقنا الأوسط، والذي هو دعوة لتعارف انساني حقيقي يقود الى الإلتقاء بنور الله وبأيقونته في وجه الإنسان”.
وطنية