أحيت الكنيسة المارونية، الذكرى السنوية الأولى لغياب الراعي السابق لأبرشية حلب المطران يوسف أنيس أبي عاد، بصلاة لراحة نفسه أقيمت قبل ظهر اليوم في كاتدرائية مار جرجس المارونية في بيروت، وترأسها راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، يحيط به رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر، راعي أبرشية حلب المارونية المطران جوزف طوبجي، رئيس جمعية البرادو في لبنان الخوري يوسف عساف ولفيف من الكهنة، وبمشاركة عائلة الفقيد وأهالي دفون.
وبعد الإنجيل القى عون عظة استهلها بشكر مطر “على دعوته لي لأحتفل بهذه الذبيحة الإلهية، لمناسبة مرور سنة على وفاة أخينا المثلث الرحمة المطران يوسف أنيس أبي عاد، ويطيب لي أن أنقل إليكم تعازي وبركة ومحبة أبينا صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، الذي كلفني أن أنقل إلى العائلة وإلى كل المشاركين بركته وتعازيه الأبوية وصلاته معنا في هذا الوقت بالذات، ونحن نحتفل بقداس لراحة نفس حبر عزيز علينا جميعا، سيادة المطران يوسف أنيس أبي عاد”.
وقال: “نحتفل بهذا القداس ونحن في الأحد الأخير من زمن القيامة المجيدة والأحد الذي يعدنا مباشرة بدعوة مميزة للإحتفال بعيد العنصرة، عيد حلول الروح القدس على التلاميذ في العلية. في هذا الأحد، يا إخوتي، تدعونا الكنيسة إلى التأمل بكلام الرب يسوع، الذي في خطابه الوداعي لتلاميذه، يدعوهم إلى عدم الحزن ويدعوهم إلى انتظار الروح القدس، المعزي، الذي سيقويهم والذي سيفهمهم، كل ما قاله لهم المعلم. وفي هذا الخطاب الأخير يقول لهم: وصية جديدة أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا، كما أنا أحببتكم. نحن نعلم يا إخوتي، الرب يسوع تكلم مرارا عن المحبة وأن المحبة هي التي تجسد بيننا رحمة الله وحنانه ومحبته الخلاصية للعالم”.
أضاف: “إن المثلث الرحمة المطران يوسف أنيس أبي عاد الذي اختاره الرب ليكون راعيا في كنيسته، عاش هذه الشهادة بإمتياز وعاش هذه المحبة وشهد لها بطريقة فريدة. هو الذي امتلأ مم محبة الرب، واختبر دعوة الرب له إلى التكرس في الدعوة الكهنوتية، ليكون كاهنا على مثاله، فأراد منذ البداية أن يتشبه به، أن يكون راعيا على مثال الرب الراعي الصالح، وأن يعيش المحبة على مثال الرب، الذي قال لتلاميذه والذي يقول لنا: وصية جديدة أعطيكم، أحبوا بعضكم بعضا، كما أنا أحببتكم”.
وتابع: “أريد في هذا التأمل أن أعطي شهادة شخصية حول معرفتي بالخوري أنيس ومن ثم بالمطران يوسف أنيس. عندما دخلت إلى المدرسة الإكليريكية طالبا في السنة الأولى من المرحلة التكميلية وأنا في الحادية عشرة من عمري، هناك إلتقيت للمرة الأولى بالخوري أنيس أبي عاد، كان مرشدا روحيا لفئة الكبار، ومنذ ذلك الحين لفت نظرنا نحن الطلاب وأنا من بينهم، بالإشعاع الذي كان يتجلى من محياه، بتواضعه ومحبته. ما أزال أذكره عندما كنا نحن نقوم بجلي الأطباق بعد كل مأدبة، مع فئة الكبار الذي كانوا يقومون بهذه الخدمة، كان الخوري أنيس معهم يقوم بتنظيف الأطباق. ومنذ ذلك الحين إنطبعت في ذاكرتي صورة هذا الكاهن، الذي وعلى الرغم، من كونه وصل إلى نعمة الكهنوت، بقي ينظر إلى دعوته، على أنه يريد أن يكون خادما، على مثال المسيح الخادم، لأن ابن الإنسان، وكما قال المعلم، لم يأت ليخدم بل ليخدم ويبذل نفسه في سبيل الكثيرين. هكذا عاش المطران يوسف أنيس رسالته، كاهنا يريد أن يخدم، بتواضع ومحبة وعطاء. وكم ترك من الثمار ومن الشهادات لدى الكثير من الطلاب الإكليريكيين، وتابع هذه الشهادة عندما انتقل من المدرسة الإكليريكية إلى رعية سن الفيل، حيث كان مثال الراعي الصالح الذي يعطي الشهادة التي انطبعت في العديد من الشبان الذي اكتشفوا دعوتهم إلى الكهنوت عندما كانوا ينظرون ويتأملون، كيف يحيا الخوري أنيس رسالته وكيف يحقق في الواقع رسالة الكهنوت على مثال معلمه. في خدمته في سن الفيل كان همه أن ينشئ العلمانيين، ففي الرعية الكثير من الجمعيات والهيئات والجماعات. كان مقتنعا أن الكاهن، لا يمكنه لوحده أن يقوم بهذه الرسالة، إذا لم يحضر معاونين له من بين العلمانيين الذين يأخذون المسؤولية تباعا من خلال رياضات تنشئة، وهذه التنشئة أعطت الثمار الكثيرة في سن الفيل، لأنه أراد أن يحقق ما علم المجمع الفاتيكاني الثاني، الذي أراد مجددا أن يظهر دور العلمانيين في الكنيسة. آمن الخوري أنيس بدور العلمانيين وسهر على تنشئتهم ورأى الثمار عندما كانوا يعاونوه في الرعية”.
وختم: “أثر بي كيف عاش الخوري أنيس سنوات الأحداث الأليمة في لبنان، يوم كانت سن الفيل عرضة للقصف، فلم يشأ أن يترك رعيته وأبنائها، لأنه أمن بأن الراعي عليه أن يسهر على الخراف. وعندما قصفت الكنيسة وعندما كان يتعذر على الناس المجيء إلى الكنيسة، بسبب القصف، كان الخوري أنيس يتنقل من ملجأ إلى ملجأ للاحتفال بالذبيحة الإلهية. بقي مع أبناء الرعية يصلي ويشجع. وهذا ما حدا بكنيستنا وبسينودس أساقفتنا أن يختاروه راعيا لابرشية حلب التي كان فيها مثال الراعي الصالح، الذي اكتنز من خبرته وخدمته الكثير وذهب إلى حلب حاملا في قلبه كما من الروحانية ومن العمل مع العلمانيين، فكان في أسقفيته مثال الراعي المتواضع المحب الذي يعلم ويخدم ويقدس، ليس فقط في خدمة الأسرار، بل بشهادة حياته وبالقداسة التي كان يسعى أن يحياها. لذلك نشكر الرب على هذا الراعي الصالح. ونحن مؤمنون، بأنه بعدما خدم في هذه الدنيا وبعدما كان الكاهن الذي يسعى إلى التشبه بمعلمه، هو اليوم يلاقي مكافأة الأحبار الصالحين والكهنة القديسين، الذي يفرح مع المسيح الكاهن”.
وطنية