نشأ عيد رقاد السيّدة الفائقة القداسة والدة الإله وانتقالها بالنفس والجسد إلى السماء في أورشليم (المقدس) في القرن الخامس وعمّ الإمبراطوريّة البيزنطيّة بين سنتي 588و602. وفي القرن السابع أدخله البابا ثيوذورس الأول (642-649) -وكان قبلاً من الإكليروس الأورشليمي- كنيسة رومة ثم انتشر في العالم كله.
عيد رقاد السيّدة شهادة لاهوتيّة بتأليه الطبيعة البشريّة وتبشير بالقيامة المجيدة لجميع البشر المفتدَين بدم الحمل. فكما أن ربّنا وإلهنا يسوع المسيح هو باكورة الراقدين، وقد نهض من القبر متجلببًا بالنور، كذلك والدته الفائقة القداسة، التي وهبته جسده من دمها البتولي، قد استحالت، بعد رقادها بالجسد، إلى مجد القيامة قبل جميع البشر. فرقادها وانتقالها بالنفس والجسد إلى السماء هو عبورها، هو فصحها، وهو نتيجة حتميّة لأمومتها الإلهيّة. والكنيسة تعيد للامتيازات الفريدة التي خصّها بها ابنها الإلهي: نزاهة عن كل عيب-بتوليّة دائمة- رقاد وانتقال من حياة إلى حياة- مجد فائق.
جاء في التقاليد القديمة أنه عندما حان الزمن وأراد المخلّص أن ينقل والدته إليه، سبق وأعلمها قبل ثلاثة أيام بانتقالها من الحياة الأرضيّة إلى الحياة الأبدية السعيدة. فأسرعت العذراء مريم وصعدت إلى جبل الزيتون لتصلّي وتشكر الله. ثم عادت إلى منزلها وأعدّت ما يحتاج إليه لدفنها. وعلم الرسل بوحي الروح، فانتقلوا بصورة عجيبة من أقاصي الأرض حيث كانوا، إلى أورشليم، إلى بيت مريم. ففسّرت لهم ما دعا إلى هذا الانتقال السريع والعجيب، وعزّتهم. ثم رفعت يديها الطاهرتين إلى السماء وباركتهم وصلّت لأجل سلام العالم. وفاضت نفسها الفائقة القداسة والطاهرة بين يدي ابنها وربها. فحمل الرسل الجثمان الأقدس ودفنوه في الجسمانيّة. إلا أنهم بعد ذلك بثلاثة أيام، وقد جاء الرسول توما متأخّرًا وأراد أن يودّع السيّدة الموقّرة، إذ اجتمعوا في محفل تعزية، ورفعوا الخبز ليكسروه باسم يسوع، ظهرت لهم والدة الإله وابتدرتهم بالسلام. فتيقنوا إذ ذاك أنها انتقلت إلى السماء بالنفس والجسد