-1-
عينَاكَ! يا منارتيْ شاطىءٍ بعيدْ،
عيناكَ المتعبتانِ…
أيُّها البحَّارُ العتيقْ!
يا لحيةً تنْدى مِلحاً، وشمساً، وأغاني بحرِ الشمالْ،
يا رَجْعَ كاتدرائيةٍ بيزنطية!
شعرُكَ الأبيضُ جليلٌ، كشَعرِ نبيٍّ مشْرقي،
يُضوِّي مثلَ حكمةِ الإغريقْ،
يشرَبُ منْ زيتِ جتسْمانيهْ…
-2-
أيُّها العائدُ إلى الشواطيْ القديمهْ،
كاسراً ليلاً، وتنِّيناً
وموجاتٍ جبالا،
عادتْ نَوارسٌ، وأغانٍ قديمهْ
السفينةُ العملاقةُ تُلوِّحُ من بعيدْ
يداها عَمودا سماءْ!
وتَهبُّ رائحةُ مِلحٍ، وشمسْ
رائحةُ المسافاتِ البعيدهْ…
والبحَّارةُ الألفُ يلوِّحونَ…
واجمينَ، واجمينَ يلوِّحونْ!
-3-
بأبي أنتَ تغسلُ لحيتكَ البيضَا بمِلحٍ، وشمسْ
بزيتِ تاريخٍ مِنَ التعبِ
بأبي أنتَ تمشْي بعَصاً، بنظارتينِ، منارتينْ…
بصَوَارٍ، براياتٍ سُودٍ
تمشي بألفِ بحّارٍ…
تُزْجي ألفَ بحّارٍ..
غنَّوْكَ: لَبَّيكَ! لبّيكَ!
وإذا “التيتنيك” بألفِ خيرْ
والبحَّارةُ…
وشحناتُ شمسٍ، وحرِّيةٍ، محمولةٌ إلى بحرِ الشمالْ…
بأبي أنتَ بحّاراً عتيقاً
صرعَ ألفَ تنِّيْنٍ، وما تَعِبَ!
-4-
أيُّها المسافرُ عَنَّا
وحيداً، وحيداً، صوبَ بَحرِ الشمالْ
أصحيحٌ أنْ مرَّتْ ببابكَ ، ليلَ أمسِ، نوارِسٌ بيْضٌ
مرَّتْ عرائسُ جِنٍّ
أصحيحٌ أنْ كانَ الحارسُ الليليُّ نائماً
ماذا تريدُ النوارسُ منكَ ومنَّا؟
ماذا تريد الجِنُّ منَ الوطنِ الصغيرْ؟
من أيقونةِ الوطنِ الصغيرْ!
ليلَ أمسِ …
كانَ مثلُ انطفاءِ كاتدرائيةٍ بيزنطيِّة
ليلَ أمسِ،
كانَ مثلُ رحيلِ بطْركِ الحرِّيَهْ
وكانَ انْكسارُ ظهْرِ وطنٍ
يُحبُّ اللهَ، والشمسَ، والحرِّيَهْ!
انطوان السبعلاني
النهار