البابا فرنسيس يجيب على عدد من الأسئلة التي وجهها إليه شباب ومسنون، وذلك خلال لقاء خاص نُظم في معهد أوغوستينيانوم.
في حدث خاص في إطار أعمال الجمعية العامة الخامسة عشرة لسينودس الأساقفة، وموضوعها “الشباب، الإيمان وتمييز الدعوات”، وبمناسبة صدور كتاب “حكمة الزمن، في حوار مع البابا فرنسيس حول مسائل الحياة الكبرى” للأب أنطونيو سبادارو مدير المجلة اليسوعية “Civiltà Cattolica” الحضارة الكاثوليكية، التقي قداسة البابا فرنسيس في معهد أوغوستينيانيوم عددا من الشباب والمسنين. بدأ اللقاء بمداخلتين لكل من رئيس اللجنة المنظِّمة لليوم العالمي للشباب في بنما ورئيس أساقفة بنما المطران خوسي دومينغو أولوا مينييتا، ثم الأب أنطونيو سبادارو والذي تحدث عن الكتاب الذي يتضمن 250 مقابلة مع أشخاص مسنين من أكثر من 30 بلدا. أجاب الأب الأقدس بعد ذلك على عدد من الأسئلة، وكان السؤال الأول لفتاة إيطالية في 26 من العمر توقفت عند نماذج الحياة التي يراها شباب اليوم، وخاصة ما يسميها البابا فرنسيس بـ “ثقافة الإقصاء”. وسألت الأب الأقدس بالتالي عن الطريق إلى السعادة وعن كيفية تمكُّن الشباب من فهم ما هو المهم بالفعل وتأسيس علاقات حقيقي وسط ما يحيط بعم من زيف. وفي إجابته أراد البابا فرنسيس لفت الأنظار إلى أن الفتاة التي تحدثت عن التنافس والفردانية لم تذكر كلمة هامة، الرياء. وتابع قداسته مشيرا إلى أن نقيض التنافس هو الانفتاح الذي هو عمليا مسيرة بينما التنافس يتوقف، له نهاية. وذكّر في هذا السياق بحديث يسوع والقديسين عن وجود محبة أكبر في العطاء مقارنةً بالتلقي. أكد من جهة أخرى أن الخدمة هي نقيض ثقافة الإقصاء والتنافس التي تلغي المشاعر. وذكّر البابا فرنسيس هنا بمثل الغني الجاهل الذي أخصبت أرضه وأراد بناء أهراء أكبر ليخزن قمحه وأرزاقه، “فقال له الله: يا غَبِيّ، في هذِهِ اللَّيلَةِ تُستَرَدُّ نَفْسُكَ مِنكَ، فلِمَن يكونُ ما أَعدَدتَه” (راجع لو 13، 16-21).
كان السؤال الثاني لرجل وامرأة من مالطا متزوجَين منذ 43 سنة، وتمحور السؤال حول نقل الإيمان إلى الأبناء والأحفاد. وفي إجابته نصح الأب الأقدس بنقل الإيمان باستخدام “لهجة العائلة” حسب ما ذكر. وتابع قداسته أن الأجداد وخلال الفترات الصعبة في القرن الماضي ما بين دكتاتوريات وعمليات إبادة قد عمّدوا أحفادهم وعلموهم الصلاة. ذكّر البابا فرنسيس من جهة أخرى بحديث البابا الفخري بندكتس السادس عشر عن نمو الإيمان عبر الشهادة، ونصح بالتالي الأجداد أن يقدموا للشباب شهادة حنان انطلاقا من خبرتهم، هذا إلى جانب التفهم والصبر، كما ذكّر قداسته بأهمية الصلاة.
وفي إجابته على سؤال لفتاة أمريكية ساهمت في إصدار النسخة الإنجليزية من الكتاب المذكور، وذلك حول كيفية بناء المستقبل انطلاقا من الأحلام، بدأ البابا فرنسيس بعبارة بسيطة فقال “ابدئي بالحلم”، ثم تابع متحدثا عن الحفاظ على الأحلام التي يصعب التعبير عنها بالكلمات وذلك كي لا تسلبنا إياها العادات اليومية. وشدد قداسته على الانفتاح على آفاق جديدة محذرا من الانغلاق، فالانغلاق وعلى عكس الأحلام لا يعرف الآفاق. ذكّر البابا فرنسيس أيضا بأهمية أحلام المسنين داعيا الشباب إلى التعلم من هذه الأحلام، لأن المسنين يمكنهم أن يُطلعوا الشباب على ما فعلوا في حياتهم وعلى ما ارتكبوا من أخطاء، وأضاف أن الاستفادة من هذه الخبرة هي نقطة انطلاق داعيا الشباب إلى السير قدما بأحلام المسنين.
كان استقبال اللاجئين موضوع سؤال وجهته سيدة من فلورنسا الإيطالية في الثالثة والثمانين من العمر، وتحدث البابا فرنسيس في إجابته عما كانت ترويه له جدته حول الحرب العالمية الأولى وشدد على أهمية أن يعرف الشباب نتائج حربَي القرن المنصرم العالميتين لما لهذا الكنز، السلبي حسب ما أضاف، من أهمية لتشكيل الضمائر. وتابع الحبر الأعظم مشيرا إلى تبعات الكراهية التي تُزرع لا فقط بين الشعوب بل وأيضا في الجماعات الصغيرة، في الأحياء والعائلات. وعن كيفية التعامل مع تحدي الهجرة الحالي قال قداسته إن على الحكومات التحلي بقلب منفتح للاستقبال، وببنى جيدة لتسهيل الدمج، وأيضا بالحذر لتحديد إلى أي مدى تتوفر الإمكانية. ويرى قداسة البابا من هذا المنطلق أن على أوروبا الاتفاق حول هذه القضية بينما يتحمل العبء الأكبر إيطاليا واليونان وإسبانيا، وقبرص بعض الشيء. وأكد البابا فرنسيس مشاعر الألم أمام تحول البحر المتوسط إلى مقبرة، كما أكد رفع الصلاة.
السؤال التالي وجهته فتاة كولومبية في العشرين من العمر وكان حول تأثر البابا بما يستمع إليه من قصص لأشخاص مسنين. وعاد قداسته في هذا السياق إلى أحاديثه مع جدتَيه وإلى صداقات مع أشخاص مسنين في الحي الذي كان يسكنه، وقال البابا فرنسيس إنه تعلم من هذه الخبرات معنى التاريخ والانتماء، ولماذا نجد في الأجداد الجذور. ثم أعرب عن الأسف أمام عيش الكثير من الشباب في مجتمع سائل بعيدين عن الجذور التي تمنح الانتماء.
هذا وفي ختام اللقاء تحدث المخرج الشهير مارتن سكورسيزي حول ترعرعه في حي لمس فيه التناقض بين عالم الكنيسة والعالم الخارجي المليء بالعنف، وتساءل عن كيفية استمرار الإيمان لدى الشباب أمام هذا الواقع. وأجاب البابا فرنسيس متوقفا عند القسوة بأشكالها المختلفة مشددا على أهمية ما وصفها بهبة البكاء ونعمة الدموع، لأن البكاء يلَين القلب ويفتحه، إلى جانب كونه مصدر إلهام. ومن الجوانب الهامة الأخرى التي أشار إليها البابا فرنسيس تقاسم الخبرات والقرب.
فاتيكان نيوز