“اغضبوا ولا تخطئوا” لداود النبي تعني لي إذا أثاركم أحد إلى حد الغضب لا تبقوا عليه. أنتم ليس لكم شيء على من أثاركم. لا ترزحوا تحت الإثارة. اصفحوا وعودوا إلى الهدوء. أرادوا ان يثيروكم لتخطئوا. أمام هذا يقول الكتاب “اغضبوا ولا تخطئوا” بمعنى ان الثورة على أذى اصابكم معقولة لكن الثورة على من أحدثها فيكم خطيئة.
عندما يقول صاحب المزامير: “اغضبوا ولا تخطئوا” لا يحلل الغضب لكنه يريد انه إذا حل لا تذهبوا به حتى الكراهية إذ الصفح هو الوصية. وكأن داود يقول إنه يفهم حدوث الغضب لكنه يحصره في من غضب ولا يريده ان يمتد. بكلام أوضح أنت لا تغضب على الآخرين لأن في ذلك أذى. الإثارة ممكنة وطبيعية. ولكن ان تحل على آخر فهذا من الخطيئة. في مراقبتي لنفسي وللناس لا أعرف غضباً ليس فيه أذى لصاحبه وللغير. هو جواب غير شرعي عن جرح حصل إذ لا يقبل الله جواباً الا الغفران. من غضب عليك يجرح نفسه أولاً. أنت تحزن لجرحه نفسه وأنت لك الله معزياً. إذا أثار أحد فيك غضباً شديدًا تبكي لخلاص نفسه وتبقى نفسك حرة منه لها إلهها. عند غضبك تبكي على نفسك لا على من أغضبك لأن ما يريده الله شفاؤه. الغضب في كثرة الأحوال حقيقته ان أحد الناس مسّك وانتفضت لكرامتك كما تسميها.
عندما تثور لغضب أصابك تكون قد استعظمت الجرح الذي ابتليت به. تكون ضعفت وما حررت الغاضب من خطيئته. إذا جرحك أحد أذكر انه في الحقيقة جرح نفسه أولا. أنت لا تصيبك طعنة وجهت اليك الا إذا أردت ان تصير ضحيتها.
إذا غضب عليك أحد اشفق عليه وسامح انه يحتاج إلى حنانك ليشفى. من أساء إليك يصبح بإساءته محتاجاً اليك. ادعُ ربك من أجله. في اساءته يبقى أخاك ولو لم يعلم. من آذاك اعلم الناس انه في حاجة إلى عطف ربه بواسطتك.
من يغضب لا يعلم ان شراسة الأذى لفاعله. المغضوب عليه يشعر انه هو وحده المجروح والحقيقة ان الجرح لاثنين. “طوبى لمن غفرت ذنوبهم وسُترت خطاياهم”.
إذا غضب عليك أحد اشفق عليه أولا فإنه آذى نفسه قبل ان يؤذيك. جرح المغضوب عليه معرفته انه أقصي من الوجود أو أقلّه انك أقصيته عن قلبك. المحروم المحبة قد يكون في غاية الحزن. لا تجعل أحداً في الصحراء. قد يموت اختناقاً.
النهار