كانت أهمية العهد بين المسنين والأطفال وضرورة أن يقدم المسنون شهادة للإيمان أمام الأطفال محور التعليم الأسبوعي للبابا فرنسيس اليوم الأربعاء خلال المقابلة العامة مع المؤمنين.
يواصل البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي صباح الأربعاء في المقابلة العامة مع المؤمنين، وانطلق قداسته اليوم في قاعة بولس السادس في الفاتيكان من القراءة من سفر دانيال وكلمات حلم دانيال التي تتضمن رؤية لله غامضة ومشرقة في الوقت نفسه. وتابع الأب الأقدس أن هذه الرؤية موجودة أيضا في بداية رؤيا يوحنا حيث يظهر يسوعَ القائمِ مِن بينِ الأموات باعتباره المسيح، الكاهن والمَلك، الأزلي والعليم والثابت الذي لا يتغير، ويضع يده على الرائي ويقول له: “لا تَخَفْ، أَنا الأَوَّلُ والآخِر، أَنا الحَيّ. كُنتُ مَيتًا وهاءَنَذا حَيٌّ أَبَدَ الدُّهور”. وهكذا تزول آخر حدود الخوف والقلق، فالحي يطمئننا، يمنحنا الأمان، قال الأب الأقدس.
ثم توقف البابا فرنسيس عند الرموز الكثيرة في هذا النص وقال إن هناك ما قد يساعنا على أن نفهم بشكل أفضل الرباط بين ظهور الله هذا ودورة الحياة، وأضاف أن هذه الرؤيا تنقل إلينا انطباعا بالحزم والقوة، النبل والجمال، فهناك الإشارة إلى الثياب والصوت والأرجل وأيضا الشعر الأبيض كالصوف الأبيض، كالثلج. وقال البابا إن هذا الشعر رمز قديم للزمن الطويل ولماض سحيق ووجود أبدي. وواصل متحدثا عن التشابه بين صورة الله في رؤيا القديس يوحنا و”قديم الأيام” في سفر دانيال، فالشيخ هو البشرية بكاملها، بل وأكثر من هذا هو القديم والجديد مثل أبدية الله، قال البابا. وأضاف أن أبدية الله قديمة وجديدة، فالله يفاجئنا دائما بجديده ويلقانا كل يوم بشكل خاص لتلك اللحظة، أي أنه يتجدد، لكنه أبدي.
انتقل قداسة البابا بعد ذلك إلى الحديث عن احتفال الكنائس الشرقية في ٢ شباط فبراير بعيد تقدمة يسوع إلى الهيكل ولقاء سمعان الشيخ، وقال قداسته إن هذا اللقاء يسلط الضوء على اللقاء بين البشرية، ممثَّلة في سمعان وحنة، مع المسيح الرب الصغير أي الله الذي صار بشرا. ودعا البابا إلى التأمل في سمعان وفي حمله الطفل يسوع على ذراعيه، ووصف قداسته سمعان بأجمل أيقونة للشيخوخة، فهو يقدم الأطفال الذين يأتون إلى العالم كعطية لا تتوقف من الله مع إدراك أن أحد هؤلاء الأطفال هو ابن الله. وتحدث الأب الأقدس بالتالي عن ضرورة أن تقوم الشيخوخة بفعل سمعان وحنة، فالشيخوخة، التي تسير نحو عالم يمكن فيه أخيرا أن تشع بدون حواجز المحبة التي وضعها الله في الخليقة، يجب أن تقدم شهادة إيمان أمام الأطفال، فتقديم شهادة للإيمان وللحياة هي دعوة المسنين، أن يقدموا للصغار ما عاشوا من واقع كشهادة، شهادة ليس بإمكان الشباب والبالغين أن يقدموها بتلك المصداقية وذلك الحنان وذلك التأثير. وتابع الأب الأقدس أن شهادة المسنين تجمع مراحل الحياة وأبعاد الزمن، الماضي والحاضر والمستقبل، وأضاف أنه من المؤلم رؤية التعامل مع مراحل الحياة وكأنها منفصلة إحداها عن الأخرى.
وواصل البابا فرنسيس تعليمه متوقفا عند ما وصفه بالعهد بين المسنين والأطفال وقال إن هذا العهد سينقذ العائلة البشرية، فحين يتحدث الشباب إلى المسنين يكون هناك مستقبل. وشدد في هذا السياق على ضرورة تسليم المسنين قبل موتهم الشهادة للأطفال، وتحدث هنا عن الموت باعتباره انتقالا صعبا بالنسبة للجميع، إلا أنه ينهي زمن عدم اليقين ويلقي بالساعات جانبا. وكرر الأب الأقدس في ختام تعليمه الأسبوعي الدعوة إلى التفكير في الحوار والعهد بين المسنين والأطفال، وبين المسنين والشباب، وإلى العمل كي لا ينقطع هذا الرباط. فليكن للمسنين فرح الحديث والتعبير عن أنفسهم مع الشباب، وليبحث الشباب عن المسنين ليتلقوا منهم حكمة الحياة، ختم البابا.