كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهرا عندما أطل البابا فرنسيس من على شرفة مكتبه الخاص في القصر الرسولي بالفاتيكان ليتلو كعادته صلاة “افرحي يا ملكة السماء”. استهل البابا كلمته مشيرا إلى الاحتفال هذا الأحد بعيد صعود الرب يسوع إلى السماء، بعد أربعين يوما على الاحتفال بعيد الفصح. ولفت إلى أن القديس متى البشير يخبرنا عن هذا الحدث الذي حصل في منطقة الجليل، المكان الذي دعا فيه يسوع تلاميذه وطلب منهم أن يتبعوه وحيث أنشأ النواة الأولى لجماعته الجديدة. وأكد البابا أن هؤلاء التلاميذ عبروا الآن بنار الآلام والقيامة، وقد سجدوا للرب القائم من الموت، مع أن هناك من راودهم الشك. وقد أسند الرب إلى تلاميذه مهمة الكرازة بالإنجيل في العالم كله وأمرهم بأن يعلموا ويعمّدوا باسم الآب والابن والروح القدس.
مضى البابا إلى القول إن صعود الرب إلى السماء يشكل نهاية الرسالة التي نالها الابن من الآب وانطلاقة هذه الرسالة من قبل الكنيسة وبات حضور المسيح في العالم ممكنا بواسطة تلاميذه الذين يؤمنون به ويعلنونه. ولفت البابا إلى أن هذه الرسالة ستستمر لغاية نهاية التاريخ وستحظى يومياً بعضد الرب القائم من الموت الذي أكد لتلاميذه أنه معهم كل يوم حتى انقضاء العالم.
وشدد البابا فرنسيس على أن حضور الرب يحمل القوة وسط الاضطهاد والعزاء في الضيقة والعضد في الأوضاع الصعبة التي يواجهها إعلان الإنجيل والرسالة. إن الصعود يذكرنا بمساعدة يسوع وروحه الذي يهب الثقة والأمان لشهادتنا المسيحية في العالم. وبعد أن أكد البابا أن الكنيسة موجودة في العالم كي تعلن الإنجيل وأن فرح الكنيسة يكمن في إعلان الإنجيل، دعا الجميع لأن يدركوا بشكل أفضل الكرامة والمسوؤلية الكبيرتين اللتين أعطاهما إلينا الله والمتمثلتين في إعلانه على العالم وجعله بمتناول البشرية. وفي ختام كلمته قبل تلاوة صلاة افرحي يا ملكة السماء شجع البابا المؤمنين على تثبيت خطواتهم في الأرض كي يتابعوا ـ بحماسة وشجاعة ـ مسيرتهم ورسالة الشهادة للإنجيل وعيشه في كل البيئات. ومن خلال نور وقوة الروح القدس تُتمم رسالةُ جعل الآخرين يتعرفون على محبة يسوع وحنانه ويختبرونهما.
بعد تلاوة الصلاة أطلق البابا فرنسيس نداء عبّر فيه عن قربه من شقيقه البابا تواضروس الثاني والأمة المصرية كلها التي تعرضت ليومين خليا لضربة جديدة من العنف الوحشي. وأكد فرنسيس أن الضحايا، ومن بينهم عدد من الأطفال، كانوا مؤمنين في طريقهم للصلاة في أحد المزارات، وقُتلوا بعد أن رفضوا أن ينبذوا إيمانهم المسيحي. وسأل البابا الرب أن يقبل في سلامه هؤلاء الشهود الشجعان، هؤلاء الشهداء، وأن يبدّل قلوب الإرهابيين. ودعا البابا المؤمنين أيضا إلى الصلاة على نية ضحايا الاعتداء الرهيب الذي وقع يوم الاثنين الفائت في مانشستر البريطانية، حيث قُتل عدد كبير من الشبان بطريقة وحشية. وأكد فرنسيس أنه قريب من أسر الضحايا وممن يبكون رحيل هؤلاء.
في الختام وقبل أن يحيي وفود الحجاج والمؤمنين القادمين من إيطاليا وبلدان أخرى ويعرب عن شكره لأهالي جنوى على استضافتهم له يوم أمس السبت، ذكّر البابا الحاضرين في الساحة الفاتيكانية بالاحتفال ـ هذا الأحد ـ باليوم العالمي لوسائل الاتصالات الاجتماعية، حول موضوع “لا تخف أنا معك”، لافتا إلى أن هذه الوسائل تقدم فرصة لتقاسم الأنباء ونشرها بشكل فوري وبطريقة متشعبة. وأكد أن هذه الأنباء يمكن أن تكون جميلة أو سيئة، حقيقية أو مزيفة، داعيا إلى الصلاة كي يكون الإعلام ـ بجميع أشكاله ـ بناءً وكي يخدم الحياة وينبذ الأحكام المسبقة وينشر الأمل والثقة في زماننا هذا.
إذاعة الفاتيكان