حقيقة طاعتنا لله وصدق إيماننا بدون رياء كانت محور كلمة البابا فرنسيس إلى المؤمنين والحجاج في ساحة القديس بطرس قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي.
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم في ساحة القديس بطرس صلاة التبشير الملائكي. وفي كلمته إلى المؤمنين والحجاج قبل الصلاة توقف الحبر الأعظم عند إنجيل اليوم والذي يحدثنا فيه القديس مرقس (مر 7، 1-8. 14-15. 21-23) عن تناول يسوع لموضوع هام بالنسبة لنا جميعا كمؤمنين، ألا وهو حقيقة طاعتنا لكلمة الله بدون أن يدنسنا العالم وبدون التمسك الشكلي بالشريعة. وتابع البابا مذكرا بأن الإنجيل يروي لنا كيف تحدث الكتبة والفريسيون إلى يسوع متهمين تلاميذه بأنهم لا يجرون على سنَّة الشيوخ، وهو اتهام يهدف حسب ما واصل قداسة البابا إلى ضرب مصداقية يسوع وسلطته كمعلم، إلا أنه يجيبهم قائلا: “أَيُّها المُراؤون، أحسَنَ أَشَعْيا في نُبُوءتِه عَنكم، كما وَرَدَ في الكِتاب: “هذا الشَّعبُ يُكَرِمُني بِشَفَتَيه وأَمَّا قَلبُه فبَعيدٌ مِنِّي. إِنَّهم بالباطلِ يَعبُدونَني فلَيسَ ما يُعَلِّمونَ مِنَ المذاهِب سِوى أَحكامٍ بَشَرِيُّة”. (مر 7، 6-7). وصف البابا فرنسيس هذه الإجابة بالواضحة والقوية، مشيرا إلى أن يسوع يريد أن يزعزع الكتبة والفريسيين عن الخطأ الذي وقعوا فيه، أي تحريف إرادة الله بتجاهل وصاياه للحفاظ على تقاليد بشرية. ويرى الأب الأقدس أن رد فعل يسوع هذا يتميز بالحسم وذلك لأننا أمام موضوع كبير، أي حقيقة العلاقة بين الإنسان والله، صدق الحياة الدينية، فالمرائي كاذب وليس صادقا.
أكد الحبر الأعظم بعد ذلك أن الرب يدعونا اليوم أيضا إلى الهرب من هذا الأمر، من خطر منح أهمية أكبر للشكل على حساب الجوهر، يدعونا إلى التعرف مجددا بشكل دائم على المركز الحقيقي لخبرة الإيمان، أي محبة الله ومحبة القريب، لنطهر إيماننا من رياء الشرعوية والطقسية. ثم تابع الأب الأقدس مشيرا إلى أن رسالة إنجيل اليوم يعززها أيضا القديس يعقوب في حديثه عن التدين الطاهر، حين قال إنهَّ عِندَ اللهِ الآب هوالة إنجيل اليوم يعززها أيضا يطرس الرسول حبة القريب، وإلى أن نتنبّه من ريائ الشريعة، ويدعونا إلى “افتِقادُ الأَيتامِ والأَرامِلِ في شِدَّتِهِم وصِيانَةُ الإِنسانِ نَفْسَه مِنَ العالَم لِيَكونَ بِلا دَنَس” (يع 1، 27). وأكد قداسته أن افتقاد الأيتام والأرامل يعني ممارسة المحبة إزاء القريب بدءً من أكثر الأشخاص عوزا وضعفا وتهميشا، فهؤلاء هم مَن يهتم بهم الله بشكل خاص ويطلب منا أن نفعل الشيء نفسه. ثم توقف الحبر الأعظم عند الدعوة إلى أن نكون بلا دنس مشيرا إلى أنها لا تعني الانعزال عن الواقع والانغلاق عليه، فعلى هذا أيضا ألا يكون تصرفا خارجيا بل داخليا يتعلق بالجوهر، فهو يعني التيقظ كي لا يتدنس أسلوب تفكيرنا وعملنا بذهنيّة العالم، أي التبجح وحب المال والعجرفة. وأكد قداسته أن مَن يتصرف بهذا الشكل ويُظهر نفسه كشخص متدين، بل وحتى يدين الآخرين، هو مرائي.
تحدث قداسة البابا بعد ذلك عن أهمية اختبار الضمير لنتعرف على كيفية استقبالنا لكلمة الله خلال استماعنا إليها خلال الاحتفال بالقداس الإلهي، مضيفا أنه لا يمكننا الاستماع إلى كلمة الله بالتهاء عنها وبسطحية، بل علينا أن نستقبلها بعقل وقلب منفتحَين كأرض طيبة، كي تحمل الكلمة ثمارها في حياتنا العملية. وتابع أن كلمة الله بهذا الشكل تُطهر القلوب والأفعال، وتُحرر من الرياء علاقتنا بالله وبالآخرين. ثم ختم الأب الأقدس حديثه إلى المؤمنين والحجاج في ساحة القديس بطرس قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي طالبا عون مريم العذراء كي نكرم الرب دائما بالقلب، من خلال الشهادة لمحبتنا له في خياراتنا الملموسة من أجل خير أخوتنا.
إذاعة الفاتيكان