أضاف البابا أن الرب وجّه أنظار تلاميذه نحو صورة النار التي جاء ليضرمها على هذه الأرض فقال لهم “جئت لألقي على الأرض ناراً، وما أشد رغبتي أن تكون قد اشتعلت”. وأشار فرنسيس إلى إن هذه الكلمات ساعدت الرسل على التخلي عن مواقف الكسل والخمول واللامبالاة والانغلاق كي يقبلوا في ذواتهم نار محبة الله، هذه المحبة التي، كما يذكّر القديس بولس الرسول، “أفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي وهب لنا”. لأن الروح القدس يحملنا على محبة الله والقريب، وهو موجود بداخلنا!
مضى البابا إلى القول إن يسوع كشف لأصدقائه ولنا أيضا رغبته المتقدة، أي أن يحمل إلى الأرض نار محبة الآب، التي تُشعل الحياة، ومن خلالها يخلص الإنسان. وهو يدعونا أيضا إلى نشر هذه النار في العالم، والتي من خلالها نُعرف أننا تلاميذه الحقيقيون. هذا ثم أكد فرنسيس أن نار المحبة، التي أضرمها المسيج في العالم بواسطة الروح القدس، لا تعرف حدوداً، إنها نار كونية. وهذا ما اتضح جلياً منذ الأزمنة الأولى للمسيحية: لقد انتشرت الشهادة للإنجيل كنار طيبة متخطية كل الانقسامات بين الأفراد والفئات المجتمعية والشعوب والأمم. إنها تبقي المحبة منفتحة على الجميع مولية اهتماماً خاصا بالأشخاص الأكثر فقراً وتهميشاً.
بعدها لفت البابا فرنسيس إلى أن الانضمام إلى نار المحبة التي حملها الرب يسوع إلى هذه الأرض يكتنف كيانَنا بكامله، ويتطلب منا أيضاً العبادة لله وجهوزية لخدمة القريب. عبادة الله تتطلب تعلّم صلاة العبادة التي غالباً ما ننساها. لذا أدعوكم إلى إعادة اكتشاف جمال هذه الصلاة وتلاوتها. ثانيا الاستعداد لخدمة الآخر. وقال البابا إن فكره يتجّه بإعجاب كبير نحو العديد من الجماعات والفرق الشبابية التي، وحتى خلال فصل الصيف، تكرس ذاتها لخدمة المرضى والفقراء والأشخاص المعوقين. وأضاف فرنسيس أنه بغية العيش وفقاً لروح الإنجيل يحتاج العالم، إزاء الاحتياجات المتنامية، إلى تلامذة للمسيح يعرفون كيف يتعاملون مع تلك الاحتياجات بمبادرات جديدة مفعمة بالمحبة. وهكذا، من خلال عبادة لله وخدمة القريب، يظهر الإنجيل فعلاً كالنار التي تخلّص، وتبدّل العالم انطلاقاً من تبدل قلب كل شخص.
هذا ثم توقف البابا عند عبارة أخرى تفوه بها المسيح والواردة في إنجيل هذا الأحد إذ قال لتلاميذه “أتظنون أني جئت لأحل السلام في الأرض؟ أقول لكم: لا، بل الانقسام”. وقال فرنسيس إن الرب جاء ليفصل بواسطة النار بين الخير والشر، بين ما هو صالح وغير صالح. وبهذا المعنى جاء الرب ليُحلّ الانقسام، ويخلق أزمة – بطريقة سليمة – في حياة التلاميذ، وليكسر أوهام من يعتقدون أن بإمكانهم التوفيق بين الحياة المسيحية والحياة الدنيوية وشتى أنواع المساومات، بين الممارسات الدينية والمواقف حيال القريب بين التدين واللجوء إلى العرافين والسحرة، وهذا ليس من عند الله.
وشدد البابا على أن هذا الأمر يعني عدم العيش كالمرائين، بل أن نكون مستعدين لدفع ثمن الخيارات المنسجمة مع الإنجيل. وهذا ما ينبغي أن نبحث عنه جميعاً. وختم البابا قائلا: جميل أن نقول إننا مسيحيون، لكن يجب أن نكون مسيحيين في الأوضاع الملموسة، ونشهد للإنجيل، الذي هو في الجوهر محبة حيال الله والأخوة. هذا ثم وجه البابا تحية إلى جميع الحجاج والمؤمنين القادمين من روما ومن إيطاليا وبلدان أخرى وتمنى للجميع أحداً سعيداً سائلاً إياهم أن يصلوا من أجله.
أخبار الفاتيكان