حتى اؤلئك الذين نسوا او عجزوا عن اتمام “الفروض”، يرجعون بقلب قوي… للمزيد. “احب ما اتعلمه هنا. اريد ان ابقى”، بجرأة تُعلن جيزيل امام الجميع رغبتها في البقاء، مقرة علنًا بأنها لم تتمكن من تطبيق شيء. في الصف، كانت الاجواء “شرقطت” منذ بعض الوقت.
من شهرين، اكتمل عقد “مدرسة الصلاة” الفريدة بنحو 20 من الراغبين في تمتين العلاقة بالله على الطريقة الاغناطية. ريتا، جويل، سهام، ربى، جان-دارك، ارليت، تاج، رنا، كريم، نتالي، غادة، جوسلين، يوسف، سابين وغيرهم تزاملوا في “صف الاب زكي”، تجالسوا، الدفاتر والاقلام على الطاولات، مصغين، مدونين على اوراقهم، سائلين، متشاركين في العشق إياه: عشق البحث عن الله. لا امتحان دخول، بل “اعلان التزام” المدرسة 6 اشهر، برنامجا وحضورا وتطبيقا. هذا كل ما يتطلبه الانتساب اليها. “وهذا يعني انه لا يمكن أحد دخولها في منتصف السنة. فمتى بدأت، بدأت. ومن يتغيّب، الا لضرورات قاهرة تُدرَس وتؤخذ في الاعتبار، لا يستطيع ان يرجع”، يقول “مدير” المدرسة مدير مركز الفنون الروحية في دير سيدة النجاة للآباء اليسوعيين في بكفيا الاب زكي صادر. في “الدرس” الثاني في شباط 2014، بعد “ويك- اند” افتتاحي في ك2، عاد الجميع تقريبا، والأغلبية ثابرت طوال الشهر. 6 مرات خلال 6 اشهر، تلتئم المدرسة. لقاء واحد كلّ اربعة اسابيع، لثلاث ساعات فقط. وكل مرة، يُعادُ شحذ الهمم وتُوَزَّع “الزوادة”… الفكرة هي توفير طريقة بسيطة للصلاة بغية تطبيقها في الحياة اليومية، مع برنامج متابعة لـ 6 اشهر… طريقة المدرسة تؤسس لنوعية صلاة مستدامة، هدفها رؤية الله في كل شيء”، يشرح صادر. في دورتها العاشرة، تنعقد المدرسة في دير سيدة النجاة في بكفيا، بعدما تنقلت بين مناطق عدة، منذ انطلاقتها العام 2001 مع الاستاذة في مدرسة الخدمة الاجتماعية في جامعة القديس يوسف الاخت نهى دكاش، وذلك تلبية لحاجة “متذوقي الصلاة والرياضات الروحية الاغناطية” الى تعلّم اسلوب صلاة يومية وفردية تلائم حياتهم. واذ توقفت استثنائيا لـ3 اعوام لظروف السفر والعمل، تعود بزخم، مع تضاعف المطالبين بها، ومنهم “خريجون سابقون يودون تجديد الدروس”. 100 على الاقل تخرجوا منها حتى اليوم. ومن البداية، الهيكلية واضحة والبرنامج مكثف. “نبدأ اولا بتعلم طريقة المشاهدة الانجيلية باسلوب القديس اغناطيوس دي لويولا. وهناك ايضا زوادة في انتظار الطلاب في كل لقاء، وهي عبارة عن 4 نصوص انجيلية، مع نقاط تأمل في كل منها”، يشرح صادر. “زوادة” للبيت، وايضا تطبيق يومي لما تعلّموه. “كل اسبوع، يتم التأمل في نص واحد. نقرأه صباحا او قبل النوم. نختار منه لكل يوم شخصية او فكرة من افكار نقاط التأمل، او جملة او سؤالا. ويجد كل طريقته التي تمكّن تلك الشخصية او الفكرة من مرافقته طوال النهار”. وتحقيقا لذلك، فان كل الطرق متاحة، من الهاتف الخليوي الى الورق الاصفر اللاصق. في نهاية الاسبوع، تكون “المشاهدة”. “لهذه الطريقة تأثير مزدوج، الاول هو شعور المرء بانه يعيش يومه مع الانجيل ببساطة، من دون اي تعب او جهد. والآخر اكتشافه خلال وقت المشاهدة ان هذه المرافقة جعلته يفهم تفاصيل كثيرة صادفها خلال الاسبوع ولم يتنبه اليها مرات كثيرة. فيكتشف ثمرة الاسبوع في المشاهدة”. هذا غيض من فيض المدرسة، فالى “الحوار التأملي” الاسبوعي، وهو “تمرين بسيط يعلّم كيفية صلاة الانجيل في قلب مجموعة”، لدى صادر “تقنيات” اخرى، ونصائح يسديها، واذن صاغية، وايضا العاب واسئلة ذكية تمكنه من متابعة تقدم الصف. “انها اسئلة، او العاب مفخخة”، يقول ضاحكا، “ومن خلالها يمكن ان نتبين مقدار جدية الطلاب…لا شك لدي اطلاقا في رغبتهم في التعلم… وهذه الالعاب لمساعدتهم في تبيان حقيقة ما يختبرونه، اكثر منها للايقاع بهم”. المرة الاخيرة، اختبر الطلاب عيّنة من اسئلته، وحتى قبل الاستعانة بها، كشف بعضهم امره. كريم نسي كليا امر “الزوادة”. “ما (عملت) شي”، يضحك، ويضحك معه الرفاق. “اعرف ان الله يحبني… واذا كنت نسيت، فليس ذلك عن اهمال، الخبرة جميلة”. جوسلين المثابِرة تقول “اننا نتعلم امورا جديدة… والخير لقدام”. وتقول نتالي انها تمشي اسبوعيا في مسيرة روحية تنتهي دائما بجديد”… في تلك الساعة، افضى كل منهم بما في القلب، صراحة. ودوّن صادر على ورقته عصارة ملاحظات… ولا علامات بخلاف بقية المدارس. ففي مدرسة الصلاة، العلامات نوعان. “الاول الصمود، والآخر اعادة قراءة الحياة خلال الاشهر الـ6. وعادة يفاجأ المرء بغنى الخبرات، التي يكون عاشها بطريقة بسيطة في حياته اليومية”. عراك، ثمار، غنى، جفاف… ايا تكن المسيرة، فإن “التخرج” في آخر حزيران. وقبل اطلاق الخريجين، يضعهم صادر امام مسؤوليات جديدة: “اتأكد من طريقة تحضيرهم الزوادة، اي من برمجة الصلاة اليومية المقبلة. ويجب ان تكون مقنعة لي”.
هالة حمصي / النهار